الدكتورة حنان عيد تكتب : ( البوتقة )

عندما نقرأ كلمة بوتقة يتبادر إلى أذهاننا أنها وعاء لصهر المعادن في درجات حرارة عالية ..
نعم هي كذلك .. ولكن عندما نغمض أعيننا نرى في عالمنا هذا أنها تجسد صهراً لتجارب قاسية وصراعات داخلية وضغوط مجتمعية من اتهامات باطلة وتهور قد يؤدي إلى القتل .. والمحن الشخصية داخل كل منزل .. والشعور بالذنب لظلم اشتركت فيه .. والصراع النفسي للحفاظ على مبادئ وقيم .. ومحاولة التسامح وقبول عيوب الآخرين .. وسيطرة القوي واضطهاد الضعيف .. ومحاولة الصمود أمام سحر التطور وتكنولوجيات العصر وغيرها الكثير.
في عالمنا هذا اكتشفنا طبيعة بشرية وأخلاقيات متحورة بتحور كل ما يطلق عليه الذكاء الاصطناعي ووسائل التواصل والحروب السيبرانية .
لقد تحول العقل البشري إلى ريبوت يتحرك بيد العقول الدموية التي لا تشتهي إلا الانتقام وحب الظهور والسيادة والريادة .
كل ذلك داخل بوتقة صُهِرَت فيها مجموعة من الأفكار والأشخاص والسلوك .. فنتج عنها فوضى مجتمعية يحركها الخوف مما حدث ومن يبقى ومن سيزول .
كل ذلك يدعونا إلى الانتباه من فوضى قد تدمر كل ماسبق ذكره من تحور وتطور وللأسوأ بفضل الحمقى والديكتاتوريين .. هناك محنة مجتمعية تقع تحت طائلة الإكراه بقبول مالا نطيق .
وهنا يجب الوقوف والصمود أمام هذا الطوفان من الأكاذيب والسطو على الأرض والعرض والفكر والمستقبل .. وعدم الانسياق لخروج وطفو ما فينا من التوتر والقلق والفوضى على السطح .. وأن يخبو فينا كل عدل وحب وصدق وشهامة وانتماء ووطن وقلب رقيق وعقل راقي وفكر وجسد سليم .. وهو ما تصبو إليه تلك المجتمعات والبلاد المارقة عن الأدب والاحترام والود.
وعن نفسي أحكي: لا ينطبق عليَّ قول فاقد الشئ لا يعطيه فهذا مثلُ كاذب .. فأنا أحب العدل وأعطي الحب والود والاحترام والصدق والحنان والعطف والعون وبدون مقابل .. رغم أني القلب المملوء بالندوب ٠
حفظ الله مصرنا وكل مجتمع صان الود والعهد وصدَّقَ وطبق بالعمل قول : المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده .. وسار على هدي الحبيب صلى الله عليه وسلم ٠