مقالات الرأى

راندا الهادي تكتب: بره السرايا ..!

0:00

هل تعلمون أننا محاطون بالمرضى النفسيين ، وأحيانا كثيرة ما نتوارث هذه الأمراض النفسية منهم كنوع من التأثر بالبيئة الاجتماعية التي نشأنا بها ، أو كنوع من التأثر الچيني في أنواع محددة من الأمراض .
وكما قال أحدهم : كلنا مرضى نفسيون ولكن بدرجات . لا تفزع من كلامي بل دع عقلك يعمل قليلا ويسترجع الشخصيات التي مرت وتمر في حياتك سواء بالفعل أو الذكر ، ألم تسمع عن والد عصبي بشكل ملحوظ مع أبنائه ، أو والدة لا تتدخل في حياة أبنائها وتلتهي بحياتها الشخصية ودائرة معارفها ، لا أشك في مرورك بقريب أو صديق شديد التشاؤم لا يرى أي إيجابيات في حياته ، بل لعلك قابلت صاحب الشخصية الاجتنابية ، وهو من يتهرب دومًا من المسئولية ، ولا يعجز عن تبرير هذا الاعوجاج في سلوكه.

لقد قابلت هذه الشخصية الاجتنابية في حياتي ، ورغم أنها تمتهن وظيفة مصيرية تتحدد على أساسها حيوات الغير ، إلا أنها المثال الأبرز لمن لديهم فوبيا المسئولية ، تهرب دوما من القرارات المهمة ، وليس هذا عن غياب رؤية أو انعدام حجج واضحة لاتخاذ القرار الصحيح ، بل بسبب الخوف من الفشل والرغبة الجامحة في عدم تحمل اللوم من أي طرف، ولقد قدم علم النفس العديد من المسببات لهذه الحالة المرضية مثل التجارب السلبية في الطفولة كانتقاد ورفض الوالدين والمقربين المستمر لقراراته ، أو عامل الوراثة أو التعلم الاجتماعي، حيث اكتسب الشخص هذا السلوك الاجتنابي من مراقبة الآخرين أو مشاهدة تجارب سلبية للغير .

الكارثة الحقيقية لا تكمن في خسارة هذه الشخصية للعديد من الفرص الذهبية لتغيير حياتها للأفضل ، بل الكارثة تكمن في أنها تدمر حياة المحيطين بها ، وأولهم أقرب الناس لها ، فكما نقول:القطار لا ينتظر الراكب المتردد ، وهذا الشخص التردد متجذر في شخصيته ، ولا أعني هنا التردد في القرارات البسيطة ( وإلا كان نزيلًا للسرايا الصفراء)بل القرارت المهمة في الحياة .

الملفت أن هذه الشخصية الاجتنابية بارعة في اتخاذ مبرراتها لتجنب تحمل المسئولية ، فتارة تستند إلى الدين وتارة أخرى تستخدم شماعة التضحية والإيثار ، أو تعلن عدم قدرتها على العمل تحت ضغط ، بل قد تتعلل بالانشغال بما هو أهم ، لكن المبرر الأبشع يكون إلقاءها اللوم في سلوكها التجنبي على الغير .

العلاج – على عهدة المتخصصين- متاح ، ويكون بخضوع المريض لكورسات من العلاج النفسي و الدوائي وفقًا لدرجة التجنبية لديه ، ومسبباتها ، لكن كما قلت ابتداءً بدون علاج هذه الشخصية تدمر حياتها وحياة المحيطين بها ، عمليًا ونفسيًا ، لذا لا تستهين عندما تري من سيكون رفيقك بالحياة يتجنب الاختيار ويترك الدفة لك ، مهما كانت الخيارات بسيطة كوجبة أو مشروب ، فهذا جرس إنذار يدق ، وهنا أمامك خياران : الانسحاب فورًا ، أو الاستعداد لحياة أنت فيها المسؤول الأبدي عن كل صغيرة وكبيرة ، وحال اختيارك الحل الثاني فأنت يا عزيزي مريض نفسي وتحتاج إلى علاج !.

زر الذهاب إلى الأعلى