مقالات الرأى

أحمد محمد صلاح يكتب : مصر كائن حى !!

كثيرا ما تسائلت هل لمصر روح؟ ، لماذا نشعر بان هذا لكيان له سمات الكائن الحي، يمرض قليلا، ثم يفيق، ينام، ثم يصحو، ينفجر ويثور ويغضب، علي مدار تاريخ مصر كله سنجد ان مصر هي كائن حي .
في كتب القانون والسياسة كنا ندرس ان الدولة تتكون من ثلاث عناصر، الشعب ، والأقليم ، والسلطة السياسية، وانبري فلاسفة القانون في التنظير لهذه العناصر مستندين الي تاريخ الدنيا، فالشعب هو مجموع البشر الذي يعيش اما متجانسا أو غير متجانس، له لغة واحدة او عدة لغات، دين واحد او العديد من الأديان، ولكن في مصر الأمور تختلف اختلافا مذهلا
جنوب مصر غير شمالها، وشرقها غير غربها، حتي بين القري وبعضها هناك تراث وعادات تقاليد مختلفة، تختلف الملابس واللهجات، والأكلات، وعادات الزواج، والموت ، وحتي الولادة وما بعدها .
ولكن كل ذلك ينصهر بقوة في شئ واحد اسمه مصر، لا تستطيع ان تفرق بين مسلم ومسيحي، وحتي لو كنا نعيش قبل خروج اليهود من مصر لم نكن نستطيع التفرقة بين اي مصري وآخر.
مصر هي البلد الوحيدة التي تمتلك تراثا شعبيا وثقافيا تمتد جذوره عبر التاريخ، ولنأخذ مثالا ، فحكاية ايزيس واوزوريس، كانت تصاغ كل فترة بطريقة اخري، ومنها حكاية سيدي الأربعين، والتي صيغت فترة الحملة الفرنسية .
ولن اعقد الأشياء كثيرا ولكن فقط لابد وان استلهم هنا جمال حمدان في كتابه شخصية مصر فهو يقول ان تاريخ مصر يمتاز بالتعقيد، ولكن جغارفيا مصر تمتاز بالبساطة، فوجه مصر وهيكلها الجغرافي العام وخطوط الطبيعية العريضة أميل نوعا الي البساطة النسبية الخالية من التعقيدات، وهذا يفسر وحدة الشخصية المصرية المصرية التي تنساب بسهولة بين الوادي والصحراء وسيناء ، حتي لو تباينت قليلا فهو بسبب الجو او فرص الاستقرار.
وكما اكد جمال حمدان ، الأمر معقد في التاريخ، كذلك الأمر شديد التعقيد في مسالة التراث الشعبي المصري، الذي يختلف ويتباين بين كل منطقة واخري، حتي ان الدراسات الشعبية لم تفسر بدقة سبب اختلاف مثلا ” الخبز ” في بر مصر .
فالخبز يختلف في مناطق الفلاحين، عن الصعايدة ، عن الساحل، عن البدو ، وتتنوع انواع الخبز حتي بين الفلاحين والصعايدة بعضهم البعض، وقد تؤثر الحالة الاقتصادية احيانا علي بعض مظاهر التراث مثل الخبز الذي تكاد تندثر بعض مفرداته مما حدي بالدولة الي التحرك السريع واصدار اطلس للخبز .
ونافلة القول ان الشخصية المصرية مثل ” الخبز” تعجن وتخمر كل العادات والتقليد والتراث في بوتقتها لتخرج في النهاية شخصية واحدة ، ولكنها تحتفظ بالسمات المميزة لهذا الاقليم ، دون ان ينفصل او ينتزع من الشخصية المصرية .
والعجيب في الشخصية المصرية انها تتطور، تنمو ، تكبر، تمرض، تشيخ، ثم تولد من جديد، ومن يدرس التاريخ يعرف ان مصر مرت بفترات كثيرة علي مدار تاريخها ولكنها تقوم مرة اخري مثل العنقاء التي تولد من النار، تنفض عن نفسها غبار الهزيمة، وتقوم تتحسس الخطي، لتقف مرة اخري
هذه هي مصر يا سادة

زر الذهاب إلى الأعلى