عبد المعطى أحمد يكتب: السودان ساحة للاستقطاب الإقليمى والدولى

الأحداث الدامية فى دولة السودان الشقيق تكاد تفقدنى وعيى, فقد كان حتى منتصف خمسينات القرن الماضى جزءا كبيرا من الجسد المصرى السودانى, وبغض النظر عن الأوضاع الرسمية والحدود الدولية, فإن ماأراده الله للشعبين من روابط الجوار لايفرقه إنسان, فإن لغتنا مشتركة, وديننا واحد, وأفريقيا قارتنا واحدة, وفوق كل ذلك يأتى نهر النيل, والذى أعتقد أن ماءه العذب الفرات يزداد حلاوة بمروره على أشقائنا فى السودان, وكأنهم يقبلونه, ويلقون بالورود والزهور فى مائه المتدفق بالمحبة والإيثار, وظلت تلك الوحدة بين الشعبين رافعة رايتها لايغلبها غلاب, ولايفوتنى الاعتراف بأن أبناء الصعيد الجوانى – خصوصا – أشد ارتباطا بإخواننا السودانيين, حيث تتعدد المصاهرات والأنساب خاصة فى أسوان وأبو سمبل والنوبة.
وفى غمرة انشغال العالم بحرب غزة توارت أنظاره عن مأساة فادحة فاقت كل الحدود, بعد أن أصبح السودان الشقيق مسرحا مفتوحا لصراعات شرسة تديرها من وراء حجاب قوى خارجية وإقليمية, برعت فى إدارة الصراعات وليس حلها, وتسعى لتعزيز نفوذها فى فضاء تتنازعه مشروعات لاتعرف إلا حساب المصالح, فالسودان ليس دولة هامشية بل لها عمق استراتيجى, وركيزة أمنية وجيوسياسية, وذلك لوقوعها فى قلب القارة الافريقية بين منطقة الساحل الفريقى والبحر الأحمروالقرن الافريقى, مما جعله امتدادا طبيعيا للأمن القومى العربى والافريقى, كما أن السودان يزخر بكنوز لاتنضب من مصادر الطاقة والذهب والصمغ, الذى يشكل 80% من الانتاج العالمى والعناصر النفيسة, التى هى أساس كل الصناعات, ثم إن موقعه على البحر الأحمر يجعله يتحكم فى الملاحة الدولية وسلاسل الامدادات التجارية, بالاضافة إلى كل ذلك أن أرض السودان الخصبة تصلح لزراعة كل المحاصيل طوال العام, ومحصلة كل ذلك جعل الصراع القائم فيه له بعد دولى يدخل فى صلب الصراع الكونى بين القوى الاقليمية والدولية, ولايجوز أن نغفل أن إسرائيل ضالعة فى تأجيج الصراع, وتفكيك الكيان السودانى لتثبيت وجودها فى منطقة القرن الافريقى.
إن حرب السودان ليست شأنا داخليا محضا, بل تجاوز حدود الجغرافيا يتحول إلى ساحة للاستقطاب الإقليمى والدولى لتحقيق أجندات إقليمية ودولية مما يفتح المجال للتغلغل فى قلب إفريقيا والسيطرة على البحر الأحمر وممراته.
إن مانشاهده فى السودان من حروب إبادة لم يكن ليستمر طويلا دون حسم لولا مساعدة قوى إقليمية وخارجية لطرفى النزاع وضمان استمراره بتزويدهما بالأسلحة المختلفة, وتعمل فى الوقت نفسه على إنضاج مناخات خبيثة تعمل على تجنيد مرتزقة وجماعات عرقية وقبلية سودانية وتسليحها, فشواهد التاريخ تقطع بأن الحروب الداخلية والتى تشعل فتيلها قوى خارجية متربصة بأى وطن, تحرص على جعلها متقدة ولاتضع أوزارها ماستطاعت إلى ذلك سبيلا.
إن مايحدث فى السودان الشقيق يجعلنا بحاجة إلى موقف عربى وإسلامى شجاع يقود تحركا دوليا فاعلا يرفع شعار” إرفعوا أيديكم عن السودان”.
إن علينا أن نعى جيدا أن هناك أكثر من 155دولة فى العالم اعترفت بالفعل بالدولة الفلسطينية, وأن الخطوة التالية يجب أن تكون مطالبة هذه الدول فى الجمعية العامة بحصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة فى الأمم المتحدة.
محور المقاومة الآن يقاوم للبقاء, وليس لإفناء اسرائيل.!
السيطرة على العالم لم تعد تقاس بعدد حاملات الطائرات أو الرؤوس النووية فحسب, بل تقاس أيضا بمن يضع يده على المعادن التى تشغل هذه الترسانة, فمن يمتلك مفاتيح المستقبل من تحت الأرض, يمتلك القدرة على رسم خريطة القوة فوقها, والله وحده يعلم ماالذى سيحدث لاحقا فى ظل هذا التصعيد غير المسبوق.
هل أحد فينا يسمع أن لدى مصر كنزا نفيسا لايوجد مثيله فى العالم سوى فى ثلاث دول فقط إسمه “التنتاليت” الذى نملك منه 48 مليون طن, فضلا عن 50 مليونا من الفحم وحوالى سبعة ملايين أوقية ذهب, والأهم أن لدينا مالايوجد لدى غيرنا وهو الجبال التى توجد بها المحاجر التى نحتت منها حجارة الأهرامات والمسلات الفرعونية, وهى التى يستخرج منها الحجر الجيرى والبازلت والرمل والجرانيت والرخام, وللأسف لم تنل كل تلك الثروات أية أهمية من الحكومات السابقة على مدى سنوات وسنوات.
يعجبنى قول الشاعر الكبير جبران خليل جبران: تسامحوا فرحلة الحياة قصيرة, لاتستحق الحقد, ولا الحسد, ولا النفاق, ولاقطع الأرحام, وغدا سنكون ذكرى, فقط ابتسموا وسامحوا.
كم كان الأديب الروسى دوستويفسكى عبقريا حين قال:” عند معاشرتك لبعض الناس ستدرك لماذا خلق الله جهنم”.
لقد أصبحت مواقع التواصل لاعبا رئيسيا فى صياغة الوعى العام وتأثيرها كبير ومباشر, لكنه سلاح ذو حدين قادر على تعزيز المشاركة المجتمعية, كما أنه قادر على خلق حالة من التشويش والاستقطاب, وبين هذا وذاك يبقى الرهان الأكبر على بناء وعى رقمى متزن يمكن المواطن من التفاعل مع الساحة الرقمية بعقل ناقد, وبصيرة تحميه من التضليل وتجعله شريكا واعيا فى تشكيل مستقبل مجتمعه.
لامساس بثوابت الدين, لكن الفقه بمرونته قابل للنقاش, وقادر على استيعاب تطورات العصر, وهذا التوازن بين الأصالة والمعاصرة هو مايضمن بقاء الدين حيا وفاعلا, ويحفظ للغة العربية مكانتها كوعاء للهوية.
من مأثورات مارتن لوثر كينج قوله: بالاصرار الصبور والراسخ سوف نمضى قدما إلى أن تتحول كل وديان اليأس إلى قمم للأمل.
الحياة قصيرة فلاتقصرها أكثر بالنكد, والصديق قليل فلاتخسره باللوم, والأعداء كثيرون فلاتزد عددهم بسوء الخلق.
العاقل دائما مايكتشف أنه أحوج مايكون إلى محاسبة النفس وتصحيح أخطائه.










