مقالات الرأى

عبد المعطى أحمد يكتب: هدية مصر للعالم

0:00

بعد غد يتم افتتاح المتحف المصرى الكبير, وهو حدث عالمى كبيرطال انتظاره, ويمثل تتويجا لسنوات من العمل المتواصل, ونقلة نوعية فى عرض وتوثيق الحضارة المصرية القديمة, ويعد ايضا أحد أبرز المنارات الحضارية فى العالم, والتى تجسد رؤية الدولة فى صون تراثها وتقديمه للعالم فى مزيج فريد يجمع بين عراقة التاريخ وروعة التصميم, فضلا عن أنه تجربة عرض متكاملة تستخدم أحدث التقنيات التفاعلية فى تقديم الآثار, بما يعكس مكانة مصر الريادية على خريطة السياحة العالمية.
إن المتحف المصرى الكبير يعد كذلك أكبر متحف فى العالم مخصص لحضارة واحدة, فهو مقسم إلى عدة أقسام تغطى الحقبة من 700ألف سنة قبل الميلاد إلى سنة 394 ميلادية, ويمتد على مساحة490 ألف متر مربع, ويضم مدخلا رئيسا بمساحة نحو 7آلاف متر مربع به, تمثال للملك رمسيس الثانى, كما يضم أكثر من 57ألف قطعة أثرية, تروى تاريخ مصر عبر العصور, بالاضافة إلى الدرج العظيم الذى يمتد على مساحة حوالى 6آلاف متر مربع, بارتفاع يعادل 6 طوابق, كما يضم المتحف 12 قاعة عرض رئيسة بمساحة نحو 18 ألف متر مربع, وقاعات عرض مؤقت بمساحة نحو 700 متر مربع, وكذلك قاعات لعرض مقتنيات الملك توت عنخ آمون على مساحة تقارب 7,5 ألف متر مربع, تشمل أكثر من 5آلاف قطعة من كنوز الملك تعرض مجتمعة لأول مرة, بالاضافة إلى متحف الطفل بمساحة نحو 5آلاف متر مربع, ومن المتوقع أن يجذب المتحف نحو 5ملايين زائر سنويا.
ومن المقرر أن يشهد حفل الافتتاح حضور عدد من الرؤساء والملوك وكبار الشخصيات العامة والكيانات الدولية, فى حدث عالمى يعكس مكانة مصر التاريخية, وكان قد زار المتحف عدد من الرؤساء والمسئولين وهم: رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون, ورئيس فيتنام لوونج كوونج, ورئيس أنجولا جواو لورينسو, ورئيس جزر القمر غزالى عثمانى, ورئيس سنغافورة ثارمان شانموجاراتنام, ورئيس وزراء كرواتيا أندريه بلينكوفيتش, كما زار المتحف رئيس وزراء صربيا ديوروماتسوت, ورئيس الوزراء اللبنانى نواف سلام, وكذلك كبير مستشارى الرئيس الأمريكى للشئون العربية والشرق الأوسط مسعد بولس, بالاضافة إلى الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة بان كى مون. وقد حصل المتحف على 8شهادات”أيزو” فى مجالات الطاقة والصحة والسلامة المهنية والبيئة والجودة, إلى جانب منحه شهادة”ُEdge Advance” للمبانى الخضراء لعام 2024 كأول متحف أخضر فى أفريقيا والشرق الأوسط, كما ان المتحف فاز بجائزة”فرساى” كواحد من أجمل متاحف فى العالم لعام 2024, من قبل الاتحاد الدولى للمهندسين الاستشاريين, وأشارت منظمة اليونسكو إلى أن المتحف سيمنح للزوار الأجانب والمصريين فرصة فريدة للتنقل عبر أكثر من 5آلاف عام من التاريخ المصرى القديم.
تمر الأعوام, وتبقى حرب أكتوبر المجيدة علامة مضيئة فى سجل التاريخ المصرى, وشاهدا خالدا على بطولة الجندى المصرى الذى جسد بإيمانه وشجاعته أروع معانى التضحية والفداء, ولم تكن تلك الحرب مجرد مواجهة عسكرية, بل كانت اختبارا لإرادة أمة, وإعادة كتابة لصفحات العزة بعد سنوات من الانكسار. لقد حمل المقاتل المصرى على كتفيه عبء الوطن, وعبر أصعب الحصون, وحطم أسطورة العدو الذى ادعى أنه لايقهر, فأثبت أن الايمان بالحق والقدرة على التضحية هما السلاح الحقيقى الذى لايهزم, ومابين رمال الصحراء ومياه القناة رسمت دماء الشهداء لوحة العبور الكبرى, لوحة ستظل تذكر الأجيال المتعاقبة بأن الحرية لاتمنح, وإنما تنتزع. إن العبرة الكبرى من هذه الملحمة أن مصر كانت ومازالت قادرة على حماية أرضها وصون كرامتها, وأن الجندى المصرى هو رمز البسالة والإقدام على مر العصور, واليوم ونحن نستعيد ذكرى العبور,نؤكد أن روح أكتوبر مازالت حية فى وجدان الشعب, تمده بالعزيمة والإصرار لمواجهة كل تحد, وتفتح أمامه دروب البناء والتنمية كما فتحت من قبل طريق النصر والتحرير.
خلال الاستعداد لحرب أكتوبر , بذل المصريون جهدا كبيرا فى التدريب, إلى حد أن الذخيرة التى استخدمت فى التدريب خلال شهر واحد تجاوزت كل الذخيرة التى استخدمت فى التدريب طوال السنوات العشر التى سبقت يونيو 1967 , وخلال الأيام الأولى لحرب أكتوبر, دفع الجيش الاسرائيلى ثمنا باهظا, فقد وصل معدل الخسائر إلى تدمير دبابة إسرائيلية كل15 دقيقة, وطائرة إسرائيلية كل ساعة, وخلال الحرب تمكن المصريون من رصد واكتشاف كل الطائرات الاسرائيلية التى دخلت أجواءنا, ولم تفلت طائرة واحدة دون إنذار مناسب ومعلومات كافية, وبذل المهندسون العسكريون المصريون جهدا كبيرا خلال الحرب, وشاركوا بخمسة وستين كتيبة, وهو عدد يقترب من عدد كتائب المشاة المصرية, واضطرت وزارة الدفاع الأمريكية(البنتاجون) فى الأيام الأخيرة للحرب إلى رفع درجة التأهب إلى الدرجة القصوى.(هذه المعلومات وردت فى كتاب”أسرار وحقائق الحروب المصرية الاسرائيلية” للأستاذ الكبير عبده مباشر).
الصاعقة رجال لايعرفون المستحيل, يهبطون من السماء أو يتسللون فى عمق الصحراء, لتنفيذ مهام يصفها العسكريوت بأنها الأقرب إلى المستحيل, وكان رجال الصاعقة المصرية العيون التى ترصد, واليد التى تضرب فى العمق, ليعطلوا دبابات العدو ويقطعوا طرق إمداداته , وهم من أثبتوا أن الشجاعة قد تغير خريطة المعركة, وقد نفذت قوات الصاعقة المصرية عمليات بطولية خلف خطوط العدو, وقطعت الإمدادات, وزرعت الألغام, وأربكت قياداته, وتحولت إلى أشباح لايعرف الإسرائيليون من أين يأتون أو كيف يختفون.
لم تكن حرب أكتوبر لتكتب صفحاتها المضيئة لولا المظلة التى حمت سماء مصر, فقوات الدفاع الجوى بنت حائطا من الصواريخ جعل سماء القناة جحيما لطائرات العدو, وبفضل هذا الحائط عبر قوات المشاة فى أمان, ودخلت الدبابات المعركة لتتحول معركة الجو من تفوق للعدو إلى مقبرة لطائراته, ومنذ حرب الاستنزاف عملت قوات الدفاع الجوى على بناء “حائط الصواريخ” الذى أثبت فاعليته فى حماية سماء مصر, وفى حرب أكتوبر كان هذا الحائط هو السور المنيع الذى حمى القوات المصرية من الطيران الاسرائيلى, وأسقط عشرات الطائرات المعادية.

زر الذهاب إلى الأعلى