راندا الهادي تكتب: حرب الفرص

بين الصين وأميركا دوما تشتعل المنافسة ، فمن الصعب الاتفاق بين قوتين تسعيان لتحقيق نفس الأهداف وإن اختلفت السبل والآليات ، وكأنها لعبة العصا والجزرة ، كل يستخدم مالديه من عصي وجزر بالتناوب لإجبار الآخر على الانصياع لرغباته ومصالحه ، وهذه اللعبة القديمة الحديثة لم تتوقف يومًا بين القوتين العظمتين ، ولعل في استرجاع الأحداث ما يقدم الدليل .
عام 2018 انطلقت شرارة الحرب التجارية ، عندما فرضت إدارة ترامب رسومًا جمركية على واردات الصين، ما أدى إلى ردود فعل قوية من قبل الصين التي فرضت هي الأخرى رسومًا جمركية إضافية على المنتجات الأمريكية.
وبشكل متوازٍ ظل التنافس بين بكين وواشنطن في مجال السيطرة على التكنولوجيا يتصاعد ، خاصة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والطاقة المتجددة. إلى جانب السباق بين البلدين على الاستثمار الخارجي ، خاصة في إفريقيا وآسيا.
ولا يغيب عن المشهد حرص القطبين الاقتصاديين على السيطرة والنفوذ الجيوسياسي في المحيطين الهندي والهادئ وفي منطقة شرق آسيا، إذ تسعى الولايات المتحدة إلى فرض ضغوطات على الدول الحليفة لها في شرق آسيا لتقليص واردتها مع الصين،.
كما تحاول أمريكا احتواء الصين، وتطويق نفوذها عبر تحالفات عسكرية مثل “كواد” و”ايكواس”، ودعم تايوان سياسيا وعسكريا، وبناء قواعد عسكرية في الفلبين واليابان وكوريا الجنوبية، والضغط على هذه الدول لزيادة معدلات الانفاق العسكرية على ترسانتها العسكرية والبرامج النووية.
وفي المقابل ترد الصين بقوة على محاولات الجانب الأمريكي لتطويق نفوذها الاقتصادي والسياسي وبشكل غير مسبوق ، حيث خطت الصين خطوات أكبر عبر مشروعها العملاق طريق الحرير، لدعم مشروعات البنية الأساسية في دول الجوار والدول النامية الأخرى .
وفي مجال صادرات التكنولوجيا المتقدمة، تتقدم الصين دول العالم ، حيث حققت 769 مليار دولارا، بحصة 22.6% من السوق العالمية التي تبلغ 3.4 تريليونات دولار، في مقابل 166 مليار دولار للولايات المتحدة.
وبنفس القوة تسعي الصين للعب دور أساسي في دوائر تورط أميركا والغرب، عبر دعم منافسيهم، كما يحدث مع روسيا، وبحثها الحثيث عن توطيد العلاقات التجارية والاقتصادية مع الدول التي لديها مشكلات مع أميركا، مثل دول أميركا اللاتينية، وإيران، وأفغانستان، وغيرها.
محطات يبحث عبرها كل من الجانب الصيني والأمريكي عن طرق جانبية لتفادي الصدام المحتمل أو لنقل المنتظر لتحديد من سيلعب الدور الأول في النظام العالمي الجديد ، لعل الفوز يكون من نصيب الأكثر انتهازا للفرص .










