مقالات الرأى

على عبد الحميد يكتب : الفقاعة العقارية في مصر

0:00

يشهد السوق العقاري في مصر خلال السنوات الأخيرة ارتفاعًا كبيرًا في أسعار الوحدات السكنية والأراضي في وقت يعاني فيه المواطن من تراجع القوة الشرائية وارتفاع تكاليف المعيشة هذا الواقع أثار تساؤلات حول ما إذا كانت مصر تمر بمرحلة “فقاعة عقارية” قد تنفجر في أي وقت، أو أن السوق ما زال متوازنًا وقائمًا على أسس اقتصادية حقيقية

الفقاعة العقارية هي حالة ارتفاع غير مبرر ومستمر في أسعار العقارات يتجاوز قيمتها الحقيقية المدعومة بالعوامل الاقتصادية الأساسية مثل الدخل، العرض والطلب، والتكلفة الفعلية للبناء.
تبدأ الفقاعة عادةً عندما يشتري الأفراد العقارات بدافع الاستثمار والمضاربة على ارتفاع الأسعار، مثل ما يحدث الآن وليس بغرض السكن، ومع مرور الوقت ترتفع الأسعار إلى مستويات لا يستطيع السوق تحملها فيحدث “الانفجار” بانخفاض حاد في الأسعار والطلب

ومن أسباب نشوء الفقاعة العقارية في مصر
تراجع قيمة العملة المحلية: بعد عدة موجات من انخفاض الجنيه المصري أمام الدولار لجأ كثير من المستثمرين إلى العقار باعتباره وسيلة آمنة لحفظ القيمة، مما زاد الطلب ورفع الأسعار ، ضعف البدائل الاستثمارية: في ظل تقلبات أسعار الفائدة وتراجع الاستثمار الصناعي، أصبح العقار الخيار المفضل للأفراد ورجال الأعمال للاستثمار، الطلب غير الحقيقي أو المضاربي: جزء كبير من المبيعات يتم بغرض إعادة البيع وتحقيق مكاسب رأسمالية، وليس للسكن الفعلي، مما يؤدي إلى تضخم مصطنع في الطلب، زيادة تكاليف البناء: ارتفاع أسعار مواد البناء، وتكاليف الأراضي، وأسعار الطاقة ساهم في رفع الأسعار النهائية للوحدات السكنية، توسع المطورين العقاريين في المشروعات الفاخرة: أغلب المشروعات الجديدة تستهدف الشرائح المرتفعة الدخل، بينما يعاني ذوو الدخل المتوسط والمنخفض من ضعف القدرة على الشراء، مما خلق فجوة بين العرض والطلب الحقيقي

وهناك مجموعة من المؤشرات التي يرى بعض الاقتصاديين أنها تنذر بوجود فقاعة في السوق العقارية المصرية، مثل “الارتفاع السريع في الأسعار مقارنة بالدخول” حيث تجاوزت أسعار الوحدات السكنية قدرة معظم المواطنين على الشراء، “تباطؤ حركة البيع الفعلي” رغم الإعلان عن مشروعات ضخمة، إلا أن السوق يشهد حالة من الركود نتيجة ضعف القدرة الشرائية، “انتشار خطط السداد الطويلة” يقدم المطورون أنظمة تقسيط تمتد لأكثر من 10 و20 سنة لجذب المشترين، وهي مؤشر على ضعف الطلب الحقيقي، “الاعتماد على التمويل الذاتي والمضاربة” كثير من المستثمرين يشترون وحدات بغرض إعادة بيعها بسرعة، مما يخلق طلبًا وهميًا.
يمكن الحد من مخاطر الفقاعة العقارية عبر مجموعة من الإجراءات والسياسات، مثل تشجيع بناء وحدات سكنية لمحدودي ومتوسطي الدخل ، وضع ضوابط صارمة للمضاربة العقارية والبيع على الخارطة، تحسين الشفافية في بيانات السوق العقاري والإفصاح عن حجم العرض والطلب الحقيقي، تنويع أدوات الاستثمار لجذب رؤوس الأموال بعيدًا عن العقارات فقط، تطوير نظام تمويل عقاري مستدام يوازن بين قدرة المواطنين على الشراء واحتياجات السوق.

و رغم أهمية القطاع العقاري في دعم الاقتصاد المصري، إلا أن النمو في السوق العقاري غير المتوازن في الأسعار قد يشكل خطرًا على استقراره في المستقبل، فالحفاظ على سوق عقاري صحي يتطلب رقابة فعالة، وتخطيطًا متوازنًا، وسياسات تحفز الطلب الحقيقي بدلاً من المضاربات “الفقاعة العقارية إن وُجدت لا تُعد مشكلة في حد ذاتها بقدر ما هي نتيجة لغياب التوازن بين العرض والطلب، والإنتاج والاستهلاك، والاستثمار والمضاربة”

زر الذهاب إلى الأعلى