دكتور عماد عبد البديع يكتب: عجائب السياسة في بلاد العم سام !

نتابع مؤخرا المشهد الانتخابي لاختيار عمدة ولاية نيويورك، هذه المدينة الكبيرة في الولايات المتحدة الأمريكية والتي تعتبر قلبها النابض و المركز التجاري والاقتصادي والثقافي العالمي، اذ يتفوق اقتصاد الولاية على اقتصاد دولة كندا، وتطالعنا نشرات الأخبار كل يوم بتقدم المرشح المسلم ذو الأصول الهندية زهران ممداني في كل استطلاعات الرأي واقترابه من حسم الانتخابات لصالحه في سابقة تعد هي الأولى في تاريخ الولاية بل وتاريخ أمريكا كلها، وهو أن يتولى منصب العمدة مهاجر أمريكي مسلم .
ورغم أن كثير من المحللين السياسيين يشيرون الى ان وصول ممداني الى منصب عمدة ولاية نيويورك يعتبر هو أخر طموحه السياسي، حيث أنه مهاجر وليس مولود في أمريكا، حيث ينص الدستور الامريكي على ان من يتولى رئاسة الولايات المتحدة الامريكيه يكون أمريكي الجنسية بالولادة، أي مولودا في أمريكا وقضى بها ما لا يقل عن ١٤ عام …
ويشير الاتجاه الحالي في السياسة الأمريكية إلى زيادة التنوع والتمثيل للأقليات، حيث أن هناك الكثير من الأمريكيين المسلمين الذين يتولون مناصب كبيرة وحيوية في الكونجرس والمجالس البلدية، وربما يكون ذلك نتيجه تغير المشهد الانتخابي في الولايات الاتحاد الامريكية وبروز فئة الشباب ذات التوجهات المنفتحه مقارنه بالناخبين القدامي.
فالناخب الأمريكي اليوم يصوت لمن يهتم بقضاياه الاقتصادية وأحواله المعيشية من ضرائب وسكن ومواصلات ….الخ بغض النظر عن الخلفية الدينيه والعرقية، وهو ما اتكأ عليه المرشح ممداني وخاطب به عبر وسائل التواصل الاجتماعي فئات الشباب والطبقات الفقيرة وبالتالي وجدت صدى لدى الشباب والذين تطوع منهم عشرات الآلاف المؤيدين لبرنامجه الانتخابي وقادوا حملته الانتخابيه…
وفي ظل هذه الظروف وتلك المعطيات يبرز تساؤل مشروع هل من الممكن أن يتولى امريكي مسلم رئاسة أمريكا؟ حين ترجع الى الدستور الامريكي نجد أنه لا يمانع ان يتولى مواطن امريكي مسلم حكم الولايات المتحدة، حيث ينص على عدم اشتراط امتحان ديني لتولي المناصب العامة في أمريكا . وقد اشارت الكثير من استطلاعات الرأي التي أجريت مؤخرا، وخاصه التي أنجزتها مؤسسة جالوب للأبحاث الى ان 60% من المواطنين الامريكيين على استعداد للتصويت لصالح الرئيس الذي يتمتع عموما بأوصاف جيده حتى وان تصادف ذلك مع كونه مسلما.
فقد كانت فوز الرئيس ذو الأصول الافريقية أوباما عام 2008 برئاسة أمريكا حادثا يضاهي سقوط الانسان على سطح القمر، فقبل ذلك التاريخ لم يكن يخطر على بال اي انسان ان يكون ذلك ممكنا… وبالتالي تحمل الأحداث الكثير من المفاجآت والغرائب في بلاد العم سام.










