اللواء مروان مصطفى يكتب : الرسائل المصرية المشفرة ومنحني العلاقات المصرية الخليجية

لماذا الجفاء والتباعد بين مصر وبعض اشقائها في الخليج ..؟؟ ولماذا هذا التلاسن والاسقاط والتهجم من مسؤولين هناك ..؟ وهل كانت زيارة الرئيس ترامب ومؤتمر شرم الشيخ سبباً لذلك ..؟؟ نعرف جميعاً ونعترف ان لهم اعتراضاً منطقياً علي استمرار حماس او تواجدها في السلطة وهو اعتراضاً مقبولاً تماماً.. ولديهم شرطا صريحاً بضرورة استسلامها وتسليم اسلحتها قبل مشاركتهم في تحمل نفقات الاعمار.. وهو ايضا حقاً منطقياً لا تعارضه مصر ..ولكنه ليست هذه هي الأسباب الحقيقية للمباعدة .
ويقول الخبثاء ان الأسباب الفعلية هي حدة التنافس على الزعامة ، والرغبة القوية لريادة المنطقة ، والسعي الحثيث للانفراد بالتقارب مع ترامب بكل الطرق والاساليب .. ولهذا ارجع الخبثاء تلك الغضبة بسبب نجاح مصر البهر في عقد واستضافة مؤتمر شرم الشيخ و الزيارة الفريدة للرئيس ترامب .. والتي اعادت العلاقات بن الرئيسين الي افضل بكثير مما سبق ، كما اضافوا ان نجاح المخابرات المصرية في استضافة كل الفصائل الفلسطينية وتوحيد كلمتهم ومواقفهم ( علي غير المتوقع تماماً ) .. اعطي مصر زخماً دولياً ايجابياً ..كما اعطتها امريكا مساحات اكبر واوسع للتحرك لتنفيذ اتفاق شرم الشيخ للسلام .
كما يضيف آخرون ان الحفاوة البالغة والاستقبال الاسطوري للرئيس السيسي عند حضوره القمة المصريه الأوروبية ، وفوز المرشح المصري باكتساح بمنصب رئاسة اليونسكو اعتبروا كل ذلك دلائل اكيدة واعترافاً واضحاً صريحاً بثقل مصر الاقليمي والدولي ، والثقة الكاملة في قدراتها السياسية والدبلوماسية .. وهو ما يؤكد علي فشل كل المخططات والمحاولات المستميتة لعزلها دولياً او تحجيم دورها او تقليصه اقليمياً .
واستغل بعض الحاقدين والكارهين احتفالية وطن السلام التي اقامتها مصر بدار الأوبرا الجديدة بمدينة الفنون والثقافة ( والتي وصفت بانها من اهم الانجازات الثقافية والمعمارية التي تجمع بين الفنون الكلاسيكية والمعاصرة.. وتعبر بوقار عن عظمة الهوية الثقافية المصرية وتراثها) .. والتي تحدث فيها الرئيس السيسي فضل الله وتوفيقه الذي ادي الي نجاح مصر في ايقاف الحرب كما اشار الى حجم المسئولية ، ومدي المعاناة التي تحملتها مصر وحدها للحفاظ علي حقوق الفلسطينيين ، والتصدي منفردة لخطط تهجيرهم .. كما انتقدوا أيضاً اسناد الادوار الرئيسيه للفنانة آمال ماهر والفنان محمد سلام الذي حاز علي تصفيقاً حاداً متواصلاً من كل الحاضرين.. وهو ما اعتبروه رسالة ضمنية مشفرة لرد الاعتبار، ويتم توجيهها رسمياً من الدولة المصرية ( لمن يفهم أو يعنيه الأمر) .
ثم خرج علينا أحد المسئولين السعوديين ..ويبدو انه قد تفرغ للتهجم علي مصر والانتقاص من حضارتها وثقافتها ، وعايرها بضعفها الاقتصادي ، وبنسبة الامية في شعبها .. ليكرر اساءاته المتعمدة للروابط العميقة بين شعبي البلدين ويتعمد من خلال لجانه الالكترونية احداث الفرقة والانقسام بين الشعبين لأحقاد وضغائن شخصية يعلمها الجميع .. وبعدها شاهدنا وزير السياحة السعودي في توقيت مقصود لينفي قرار المملكة السابق بالاستثمار في منطقة رأس جميله .
ولم يقتصر الامر علي ذلك .. وكانت الطامة الاكبر عندما قام القيادي الداعشي السابق ابو محمد الجولاني ( وهذا اسمه وصفته الحقيقية المعروفة.. وليست اهانة ) وفي احتفال رسمي بحضور ولي العهد ليكرر اهانة مصر والاقلال من مكانتها ونهضتها .. ببجاحه ممقوتة.. وبلا أي مناسبة وبنفس مضمون العبارات السابقة .. وأقول .. ان العيب ليس فيه وحده .. انما علي من دربوه ، وعينوه ، وايضاً علي من لقنوه .
وفي توقيت عمدي مريب ومدروس للتغطية على الحدث العالمي الذي تعد له مصر لافتتاح متحفها الكبير، ولعكننة المصريين وافشال فرحتهم ..فاجأتنا ميلشيات الدعم السريع السودانية باحتلال مدينه الفاشر، وارتكبت المذابح والمجازر الدموية وقتلت الآلاف من السكان العزل وهجرتهم لتبدأ في تهديد مصر وحدودها … بعد حصولهم علي شحنات كبيرة من الأسلحة المتطورة من الامارات العربية الشقيقة .. وهو ما أدي تعرضها لغضبه عالمية ، وانتقادات دولية صريحة ، وقيام أعضاء من مجلس العموم البريطاني بالمطالبة بمحاسبة الامارات وايقاف تصدير الأسلحة لها .
ولنا هنا كلمة حق .. الخلاف أو الاختلاف وارد ومسموح بين الأشقاء .. ولكل دولة الحق في اتخاذ ما تراه مناسباً للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية.. بشرط عدم الأضرار او التحالف ضد جيرانها واشقائها الآخرين ، وبشرط اقتصار الخلافات بين الحكومات وعدم السماح بامتدادها للشعوب .. فالشعوب هي الباقية والحكومات هي الزائلة والمتغيرة .. ولكن يجب علي الأشقاء التحكم في مسئوليهم ومنعهم من استثمار تلك الاختلافات لإحداث الفتن والانقسامات بين الشعوب ، من خلال صرف الأموال الطائلة علي اللجان الالكترونية ، وشراء التريندات الوهمية علي المواقع الاجتماعية ، أو تسخير الجهود الحكومية لتحقيق أحقاد وضغائن شخصية ، والقيام بتصرفات صبيانية قاصرة متهورة تسيئ للأشقاء وتخدم الاعداء .
يا ايها الأشقاء لا تغضبوا من المصريين ولا تُغضبوهم … ولا تُعايروهم لانهم لم يعايروكم وهم لم يخضعوا للابتزاز من اي دولة مهما كانت عظمتها وقوتها ، ولم يخافوا من اي تهديدات مهما كانت شدتها ، لان اعتمادهم علي الله وحده وعلي عقول وسواعد أبنائهم ، ويقتطعون من قوت يومهم ليبنوا بلدهم ، وليدعموا جيشهم الوطني القوي حتي لا يستعينوا أو يلجئوا لأي قوي خارجية لتحمي بلادهم أو سلطانهم ، وهم لا يعايروا اشقائهم الذين سبق ان قدموا لهم الكثير والكثير من الدعم والمساندة والخدمات ..ولم يقوموا أو يسمحوا لأي من مسئوليهم بالتصرف بصبيانية خارجة تسيئ لأشقائهم .
ان المصريين يا سادة .. لم يشتروا حضارتهم ولن يبيعوها ، ولم يستعيروا ثقافتهم ولن يعيروها ، ولم يسرقوا فنونهم أو يقلدوها .. لان حضارات الشعوب وثقافتهم منحة ربانية وهبة سماوية خالصة .. مثل هباته السماوية وعطاياه الربانية التي وهبها وأنعم بها علي الآخرين …. لعلهم يشكرون .
ان المصريين ليسوا من ناكري الافضال ولا من جاحديها .. وهم يدينوا بالاعتزاز والعرفان لكل من ساعدهم او ساندهم ووقف خلفهم علي مر التاريخ فلا يمكن لمصري مخلص ان يتنكر أو ينكر لوقفات الشهامة الاصيلة للشعب الاماراتي الشقيق ولأبناء زايد الخير .. ولا يمكن لأي مصري مخلص ان ينسي أو يتناسى الدعم والمساندة الاصيلة للشعب السعودي الشقيق بلد الحرمين الشريفين.. الذي تتعلق بهما قلوب وافئدة المصريين اجمعين .. والمواقف التاريخية المشرفة لأبناء الملك عبد العزيز خدمة الحرمين الشريفين .
لقد آن الاوان بعد نجاح مصر الباهر في افتتاح متحفها الاثري الكبير ..الذي تقدمه هدية تاريخية عظيمة للحضارات الانسانية بأكملها .. في مشهد جلل انتظره ، وشاهده ، وانبهر به العالم .. انها اللحظة المناسبة لأن يعود الجميع الي صوابهم ، ويزيدوا من تكاتفهم وتعاونهم والتقارب والتلاحم بي شعوبهم .. فالإخطار والتهديدات والضغوط والابتزازات تحدق بنا ، وتدق ابواب حدودنا ، وتطمع في مقدراتنا . وتهدف لإخضاعنا واذلالنا.
لواء / مروان مصطفى المدير الأسبق للمكتب العربي للإعلام الامني بمجلس وزراء الداخليه العرب










