حازم البهواشي يكتب: عمدة نيويورك مسلم!!

مدينة نيويورك الأمريكية مركزٌ مهم للدبلوماسية الدولية؛ فبها المقر الرئيسي للأمم المتحدة، وتوصف أحيانًا بأنها عاصمة العالم؛ فهي مركز ثقافي ومالي وإعلامي وترفيهي له تأثير كبير على التجارة والرعاية الصحية والإنتاج العلمي وعلوم الحياة والبحث والتكنولوجيا والتعليم، والسياسة والسياحة والطعام والفن والأزياء والرياضة. (هذا ما ستطالعه عنها في أول بحثك على جوجل).
ولعلنا ننبه أولًا أن عمدتها الجديد (زهران محمود ممداني) ليس حاكمَ ولاية نيويورك، بل هو عمدةُ مدينة نيويورك التي هي واحدة من بين أكثر من ستين مدينةً في الولاية!! و(ممداني) وُلد في أوغندا في (18 أكتوبر 1991م)، ما يعني أنه وفقًا للدستور الأمريكي لا يمكنه الترشحُ للمناصب العليا كمنصب الرئيس أو نائبه، ولا يمكنه قانونًا أن يتحدى سلطةَ الرئيس، فيمنع أو يعرقل مثلًا عملَ شرطة الهجرة الفيدرالية، وإلا قُبِض عليه!!
والسؤال: لماذا فرحنا بانتخابه؟! سيجيب البعض إنه مسلم!! وسيَظهر معارض: لكنه شيعي، وهؤلاء لا نفع ولا نصر يُرجى منهم للإسلام!! وسيزيد آخر: وهو مشجع للمثلية كما قرأنا!! ولن يسعى أحدٌ للتأكد من هذا الأمر!! لكنّ فرحتَنا مردُّها أننا نبحث دومًا عن المُخلِّص، ويا حبذا إن لم نكن قد تعِبنا في تربيته وتنشئته؛ فشراء الجاهز (أوْفَر) ولا يحتاج مجهودًا (شِرا العبد ولا تربيته)!! و (اللي يِلْقَى حِتَّة مَبْنِيَّة يِبْقَى لَقى لِقِيَّة)!! نحن نريد من يحارب لنا حربَنا ونحن جالسون!! نحن نريد أن يُهلِكَ اللهُ الظالمين بالظالمين دون أن يكون لنا دورٌ، ودون أن نُحركَ ساكنًا!!
لقد فرحنا سابقًا بانتخاب “باراك أوبامًا” رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، فرحنا بأنه “باراك حسين أوباما”!! وفرحنا بأنه أول رئيس من أصل إفريقي يصل إلى البيت الأبيض، وقد انتُخِب لدورتين متتاليتين بين عامي (2009)م و ( 2017)م!! وفرحنا بـ”السلام عليكم” التي قالها باللغة العربية في خطابه الشهير بجامعة القاهرة في ٤ يونيو ٢٠٠٩م، وباستشهاده بآيات قرآنية!! وهو الخطاب الذي جاء وفاءً بوعد انتخابي بأن يوجه رسالةً إلى المسلمين من عاصمةٍ إسلامية في أشهره الرئاسية الأولى.
وكان اختيارُ مصرَ لأنها الدولة التي تمثل قلبَ العالم العربي، وإحدى القوى الأساسية في عملية السلام في الشرق الأوسط، وكان هدفُ الخطبة تحسينَ العلاقة بين أمريكا والعالم الإسلامي التي تشوّهت كثيرًا أثناء فترة رئاسة جورج بوش الابن (2001م _ 2009م).
هذه العلاقة التي بدأت بالحب بيننا وبين (أوباما) مرت بالخِذلان وانتهت بالكراهية؛ فقد كان من أكثرِ الرؤساء الذين شنوا ضرباتٍ عسكريةً ضد دولٍ عربية وإسلامية (العراق وسوريا واليمن وباكستان وأفغانستان والصومال وليبيا)!! بهدف محاربة الإرهاب الذي وَضَعَتْ لَبِنَتَهُ وأسستْ تنظيماتِه بلادُه!! لقد كان (باراك حسين أوباما) أمريكيًّا، وكذلك (زهران محمود ممداني) أمريكيّ!! ويا من تبحث عن بداية جديدة، تعلّمْ مِن هؤلاء كيف يخدمون أهدافهم؟ وكيف تُفرز الديمقراطيةُ الحقيقية تغييراتٍ هي في مصلحة مجتمعاتهم؟ وإذا أردتَ بدايةً جديدة فاعلمْ أنه:
مَا حَكَّ جِلْدَكَ مِثْلُ ظِفْرِكْ // فَتَوَلَّ أنتَ جميعَ أَمْرِكْ.










