مقالات الرأى
أحمد فرغلي رضوان يكتب : one battle after another.. وأمريكا التي لا نعرفها

0:00
أحداث غير معتادة وتقترب من قضايا محلية أمريكية على رأسها أزمة المهاجرين المكسيكيين والتي عادت للواجهة بعد عودة ترامب للبيت الأبيض. افتتاحية فيلم one battle after another عن مجموعة مسلحة مصنفة ارهابية حسب الحكومة الأمريكية حيث تقوم بتحرير عشرات من المهاجرين من مكان احتجازهم على الحدود لدى السلطات الأمريكية والتي تتصرف بوحشية تجاه هؤلاء المهاجرين ومن تلك اللحظة تبدأ الأحداث المشوقة جدا ومطاردة بين الضابط المسؤول عن معسكر اللاجئين وبين هذه المجموعة المسلحة والتي يطلقون على أنفسهم جماعة ” 75 الفرنسية” التي تنادي بالمساواة والحرية حيث أصبح ثأرا شخصيا بين الضابط وبين السيدة بيرفيديا وزوجها بوب فيرجسون اللذان يقودان تلك المجموعة. مخرج ومؤلف الفيلم بول توماس اندرسون استند في سيناريو الفيلم على رواية صدرت في التسعينيات تدور أحداثها في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق ريجان. هو يتحدث بدون مواربة عن أمريكا الاستبدادية العنصرية وكأن هناك دولة أخرى داخل تلك الدولة التي نعرفها ! جماعات مسلحة من الجيش تقوم بعمليات خاصة تصل للقتل والتصفيات ومجلس سري عنصري يحرك البعض! الفيلم كان صادما للجمهور الغير أميركي. العنصرية والهجرة والفساد قضايا يناقشها الفيلم بشكل لافت ورغم أن الفيلم يقفز بالزمن لنحو 16 سنة في أحداثه في النصف الثاني إلا أنه لم يتغير شيء وكأنه إسقاط على ما يحدث الآن وموقف ترامب من المهاجرين! هذا الفيلم ربما يغضب اليمين الأمريكي المتطرف والذي رمز لهم بالمجلس السري الذي يريد الحفاظ على نقاء العرق الأبيض! في مشهد هام يحاكمون الضابط التابع لهم لأنه أقام علاقة جنسية مع سيدة سمراء! السيناريو قدم المغامرة من خلال الكوميديا السوداء مع شخصية البطل “المهزوز” بوب فيرجسون والذي يلجأ لادمان الكحول والمخدرات والاختفاء عن الأنظار مكتفيا بتربية ابنته بعد اختفاء الزوجة ! ولكنه يبدأ في خوض معركة جديدة أخيرة بعد 16 عاما بمفرده هذه المرة ضد العقيد الذي هو رمز للسلطة القمعية، ما بين الزمن الأول للاحداث حيث الاندفاع والعشوائية للشباب الثوري وبين الزمن الثاني الذي يبدو كأنه كشف حساب للشخصيات تألق المخرج وكاتب السيناريو بول توماس اندرسون. السيناريو المميز للأحداث يسير بذكاء من خلال شخصياته الرئيسية بين زمنين لاستكشاف الفساد وعلاقته بالسلطة الرسمية والغير رسمية داخل الولايات المتحدة والعلاقات الشخصية وتأثرها بالأحداث السياسية، رغم اقتراب وقت الفيلم من ثلاث ساعات إلا أن إيقاع الأحداث كان جيد جدا وغير ممل، ويبقى الجزء الأخير هو الأفضل والأكثر إثارة ومتعة بصرية. الفيلم قدم صورة مميزة جدا بواسطة المصور المتميز مايكل بومان خاصة مشهد مطاردة السيارات الرائع. فريق التمثيل أعتقد لن يخلوا موسم الجوائز الكبرى من أسماءهم ليوناردو دي كابريو جسد الشخصية بشكل جيد جدا وسيكون له نصيب كبير من الترشيحات مع هذا الفيلم، أجاد سواء في الجزء الأول لشخصية الثائر والمغامر ثم في الجزء الثاني الرجل المحطم ومدمن الكحول ، وكذلك مشاعر الأبوة للفتاة المراهقة التي يخشى عليها حتى من اصدقائها، لديه خوف مرضي من تداعيات الماضي. الممثل شون بن يقدم واحدا من أفضل أدواره لشخصية صعبة ومركبة العقيد العنصري المستبد قدم النموذج المثالي لنوعية هؤلاء الضباط. تيانا تايلور والتي تجسد القائدة الثورية “بيرفيديا ” تكاد تكون هي المسيطرة على الشاشة في الدقائق الأولى حتى في وجود ليوناردو وشون بن ، حضور كبير وأداء ممتاز. تشيس انفينتي في أول أدوارها السينمائية تقف الشابة الصغيرة القادمة من تجارب معدودة في مسرح شيكاجو واثقة من نفسها أمام شون بن وليوناردو دي كابريو ونجحت في تقديم أداء ممتاز ، ستكون نجمة في المستقبل القريب وقدمت في الدقائق الأخيرة مجموعة من أفضل مشاهد الأداء في الفيلم حتى في لحظات الصمت كانت عيونها معبرة بشكل رائع. فيلم one battle after another هو فيلم جريء ينتقد المجتمع والسياسة داخل الولايات المتحدة الأمريكية منذ الثمانينيات وحتى الآن دون تجميل أو مواربة. تقييمي للفيلم 8/10 .