مقالات الرأى
راندا الهادي تكتب: أكتوبر العقدة

0:00
هل كانت مصادفة أن تختار حركة حم اس هذا التاريخ لتنفيذ مخططها ضد الكيان الصه-يوني ؟! جميعنا سألنا أنفسنا هذا السؤال ، والغريب أن التبريرات في وسائل الإعلام تقافذت في كل الاتجاهات لتقديم الإجابة ، لكن لم يسأل أحدٌ نفسه السؤال الأصح ألا وهو : لماذا بدأت إسرا-ئيل تتحرك للتطبيع مع الدول العربية قريبًا من هذا الشهر بالذات ؟ ما الهدف من إعادة تشكيل هوية هذا الشهر عند العرب والمسلمين ، لماذا هذا السعي الحثيث لمحو ذاكرة الأجيال الناشئة وتشكيل ذاكرة تناسب الكيان وتخدم أجندته . أتدركون السبب ؟ لأن ضياع القضية الأساسية للأمة الإسلامية والعربية وهي القضية الفلسطينية يبدأ من الداخل من الوعي وقوة الذاكرة الجمعية للشعوب تجاه القضية ، وهنا يكمن خبث توجهات تل أب-يب ، – كعادتها- في إحلال وتشويه التاريخ وذاكرة الأمة ، فبدلا من تذكر أكتوبر كرمز لعودة الحق و النصر وانكسار العدو ، يصبح رمزًا للتطبيع والتعايش السلمي وتمهيدًا لتغيير وجه الشرق الأوسط كما يتمنى نتن ياهو ومن ورائه داعميه . من الناحية العلمية ، هناك آليات لتشويه التاريخ ذكرها المتخصصون منها : +اختلاق الأخبار الكاذبة التي لا أصل لها . +اعتماد مصادر وراويات مختلقة للتشكيك . + إضعاف المناهج التاريخية في المدارس. + الاعتماد على الدراما في تقديم التاريخ للأجيال وهذا في حد ذاته كارثة. +اختلاق افتراضات وتحويلها إلى حقائق عبر الترويج لها. وأخيرًا إعادة ربط التاريخ بأحداث مغايرة استهدافًا لإضعاف ثم محو ذاكرة الأجيال . والمزيد والمزيد من الآليات التي تفنن فيها الغرب لإضعاف ما يراه خطرًا على ثقافته ومعتقداته ، ليتحول التاريخ عندنا من رصد لقيام حضارات وثقافة شعوب إلى تتبع لتناوب حكام وتخليد إنجازات فردية . التاريخ هو صلتنا بالجذور القوية الراسخة التي ساهمت في قيام هذه الأمة ، والدافع لاستكمال المسيرة عبر الأجيال الناشئة ، لذا من وجهة نظري لا يكمن الحل في فرض التاريخ كمادة في كافة المناهج والمراحل الدراسية فقط ، وإنما إعادة تقديم التاريخ كما يجب أن يكون ، داعمًا للحاضر وصانعًا لمستقبل أفضل عبر التعلم من دروسه القاسيات . ومن هنا سيظل أكتوبر رغم حقد الحاقدين في يومه السادس نبعًا لفخر واعتزاز لا ينضب ليس للمصريين فحسب وإنما لكل العالم العربي والإسلامي ، وتأكيدًا على قوتنا وقدرتنا – حال الاتحاد والتماسك – من تحقيق النصر مهما كانت التحديات ، ليأتي السابع من أكتوبر مذكرًا للعالم كله بحق الفلسطينيين في استرداد دولتهم وكاشفًا بوضوح منقطع النظير نوايا الكيان الصه-يوني ومخططاته اللاإنسانية ، ليستمر شهر أكتوبر في ذاكرتنا بل وذاكرة العالم شهرًا للانتصار ، والانتظار للوعد الحق .