عبد المعطى أحمد يكتب: عبقرية التخطيط ودهاء التنفيذ

كان يوم السادس من أكتوبر 1973 يوم النصر بمعناه الشامل للقوات المسلحة المصرية على اسرائيل, ففى هذا اليوم سجل الجيش المصرى العظيم العلامة الكاملة فى تحقيق المفاجأة واختيار التوقيت المناسب لبدء القتال,وإدارة العمليات العسكرية, متجاوزا بذلك أصعب ثلاثة معوقات عرفتها الحروب فى العالم”قناة السويس,والساتر الترابى وخط بارليف الحصين”, مسجلا بخطته الفريدة أروع معارك الأسلحة المشتركة والتى دخلت ضمن أهم نظريات الحروب التقليدية بالمعاهد العسكرية فى العالم.
بدأت المعارك فى تمام الساعة الثانية يوم السادس من أكتوبر بتنفيذ 222طائرة مقاتلة مصرية ضربة جوية على الأهداف الاسرائيلية شرقى القناة, بعدما عبرت الطائرات على ارتفاعات منخفضة للغاية لاتزيد على 30 مترا لتفادى الرادرات الاسرائيلية, وقد استهدفت المطارات الاسرائيلية ومراكز القيادة ومحطات الرادار والاعاقة الالكترونية وبطاريات الدفاع الجوى وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات والمدفعية والنقاط الحصينة فى خط بارليف ومصافى البترول ومخازن الذخيرة, وقد حققت القوات الجوية بهذه الضربات نحو 95% من أهدافها وفتحت الباب على مصراعيه لاستكمال بقية المهام الخططية.
بعد عبور الطائرات المصرية بخمس دقائق بدأت المدفعية المصرية قصف التحصينات والأهداف الاسرائيلية الواقعة شرق القناة بشكل مكثف تحضيرا لعبور المشاة, فيما تسللت عناصر سلاح المهندسين والصاعقة إلى الشاطىء الشرقى للقناة لإغلاق الأنابيب التى تنقل السائل المشتعل إلى سطح المياة, وبعد نحو20دقيقة من بدء عملية الاطلاق, وجهت المدفعية نيرانها إلى النسق الأمامى لخط بارليف وقصفت العمق حيث مواقع النسق الثانى, كما قامت المدفعية بالضرب المباشر على مواقع خط بارليف لتأمين عبور المشاة من نيرانها عقب عمليات التمهيد النيرانى, ونجح آلاف الضباط والجنود المصريين فى عبور قناة السويس فى قوارب مطاطية, ليعبروا إلى الضفة الشرقية للقناة, وليبدأوا عملية تسلق الساتر الترابى فيما تم بناء رءوس كبارى وفتح الممرات أمامها فى الساتر الترابى بالخراطيم المائية, وفى تمام الساعة السادسة والنصف كان آلاف المقاتلين المصريين من خمس فرق مشاة قد عبروا القناة, واحتفظوا بخمسة رؤوس جسور, واستمر سلاح المهندسين فى فتح الثغرات فى الساتر الترابى لإتمام مرور الدبابات والمركبات البرية, وذلك فيما عدا لواء برمائى مكون من عشرين دبابة برمائية وثمانين مركبة برمائية عبر البحيرات المرة فى قطاع الجيش الثالث وبدأ يتعامل مع القوات الاسرائيلية, وفى تمام الساعة الثامنة والنصف مساء اكتمل بناء أول جسر ثقيل , وفى تمام الساعة العاشرة والنصف اكتمل بناء سبعة جسور أخرى وبدأت الدبابات والأسلحة الثقيلة تتدفق نحو الشرق مستخدمة الجسور السبعة وإحدى وثلاثين معدية.
وحسب التقارير العسكرية فق شهد أول قتال فى حرب السادس من أكتوبر تحقيق المهمة الصعبة فى عمليات العبور والاقتحام وأنجزت القوات المسلة المصرية أولى مهامها بنجاح, وأصبح لدى القيادة العامة فى صبيحة اليوم التالى خمس فرق مشاة بكامل أسلحتها على الضفة الشرقية للقناة بالاضافة إلى ألف دبابة وتهاوى خط بارليف الدفاعى واستةلى الجيش المصرى على معظم تحصيناته وليواصل فى الأيام التالية أعظم المعارك والبطولات مسجلا أعظم نصر فى التاريخ.
الحرب الإلكترونية الحديثة هى استخدام الطيف الكهرومغناطيسى وانظمة التكنولوجية الرقمية لمهاجمة أو تعطيل الأنظمة الإلكترونية للعدو وحماية الأنظمة الصديقة وتشتمل على عمليات الإعاقة والخداع الإلكتروني وجمع المعلومات الاستخباراتية وهى عنصر اساسى فى العمليات العسكرية المعاصرة حيث تستخدم لتعطيل أنظمة الرادارات والاتصالات وانظمة الملاحة مما يمنح ميزة استراتيجية حاسمة فى الحروب الرقمية , ومن امتلك الحرب الإلكترونية الحديثة امتلك زمام المعركة, ويحكى لى اللواء أركان حرب القوات المسلحة زكى محمود دوره فى حرب أكتوبرالمجيدة فيقول: قبل الحرب كنت برتبة الملازم اول قائد موقع حرب إلكترونية فوق جبل عتاقة لجمع وتحليل المعلومات عن القوات البرية والجوية والبحرية الإسرائيلية, وتم استدعائى للقيادة فى القاهرة, وهناك علمت باننى ساقوم باستلام معدات ومركبات واحتياجات شئون ادارية, وأننى ساقود قول المركبات والمعدات واتوجة إلى السويس بعد الإفطار مباشرة يوم ١ رمضان لتحقيق السرية الكاملة ووصلت فجرا بمعداتى كاملة, ويوم الأول من أكتوبر 1973 صدرت التعليمات التنظيمية بإنشاء الكتيبه ٤٩٠ حرب إلكترونية بمهمة تقديم الدعم الإلكتروني المناسب للجيش الثالث الميدانى, وكنت احد ضباط هذة الكتيبة, كان دورى فى الكتيبة الحصول على المعلومات عن القوات الجوية الاسرائيلية من حيث عدد الطائرات وأنواعها وتمركزاتها فى القواعد الجوية ونظام تجريبها, وأنظمة التزود بالوقود جوا, بالاضافة إلى متابعة رئاسة القوات الجوية الاسرائيلية, وتم أيضا إعطائى مهمة إضافية وهى مسئولية الشئون الادارية فى الكتيبة التى تتضمن الاكتفاء الذاتى لأفراد الكتيبة وإمدادهم باستغلال سرية البغال التى تقوم بحمل أنواع المياه والطعام والذخيرة, ويضيف قائلا: كنت صباح 6أكتوبر أتابع القوات المعادية التى فشلت فى التأثير على قواتنا, حيث أنها أخذت تعليمات من القيادة الاسرائيلية بمنع الاقتراب من قناة السويس إلا بعد عشرة ميل منها نظرا لقوة الدفاع الجوى المصرى بدعم من الحرب الالكترونية, بالاضافة إلى شن عمليات إعاقة للاتصالات السلكية واللاسلكية فيما بين هذه الطائرات وقواعدها الجوية وأبراج التوجيه.