حسين فهمي: مهرجان القاهرة السينمائي ليس للبيع.. والهوية المصرية أولاً بقلم :أنس الوجود رضوان

رغم الضغوط المادية التي تواجه الفعاليات الثقافية في العالم، اختار الفنان الكبير حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، أن يضع المبادئ فوق المصالح. فقد كشف عن رفضه عرضاً مالياً مغرياً بلغ مليون دولار من إحدى الشركات الخاصة لرعاية المهرجان، مؤكداً أن قراره جاء حفاظاً على هوية المهرجان واستقلاليته.
قال فهمي خلال لقائه بالصحفيين:
“المهرجان مهرجان الدولة، وله طبيعة وطنية ومسؤولية مجتمعية. دورنا أن نحافظ على طابعه الفني والثقافي بما يليق بمكانة مصر.”
وأضاف بحزم:
“المهرجان مش للبيع ولا للمساومة.”
ولم يقتصر الأمر على رفض الرعاية، بل أوضح فهمي فلسفته في تمثيل مصر بالخارج، قائلاً:
“لما بسافر بركب أحسن طيارة، وبنزل في أفخم الفنادق، وبركب أفضل عربية، مش للمنظرة، لكن علشان أظهر بمظهر يليق بيا كمصري وبمثل شعب كامل. يمكن الناس في الخارج ما يعرفوش اسمي، لكنهم بيشاوروا ويقولوا: ده مصري. حتى الفنانة ما تقدرش تكرر فستان أو إكسسوار، لأن ده جزء من صورتنا كمصريين.”
منذ تأسيسه عام 1976 على يد الناقد الراحل كمال الملاخ، حافظ مهرجان القاهرة السينمائي الدولي على مكانته كواحد من أهم المهرجانات في المنطقة العربية وإفريقيا، وهو المهرجان العربي والإفريقي الوحيد المدرج ضمن الفئة A لدى الاتحاد الدولي للمنتجين (FIAPF)، إلى جانب مهرجانات عريقة مثل كان وبرلين وفينيسيا. هذه المكانة جعلت من المهرجان منصة كبرى تعكس صورة مصر الحضارية أمام العالم.
ويؤكد موقف حسين فهمي أن المهرجان سيبقى بعيداً عن أي محاولات تجارية قد تمس هويته، مع انفتاحه في الوقت نفسه على شراكات ثقافية تحافظ على قيمته. ومن المنتظر أن تقدم الدورة المقبلة مزيجاً من العروض المحلية والعالمية، إلى جانب تكريمات لرموز الفن السابع وفعاليات موازية تمنح الشباب وصناع السينما فرصاً أوسع للتواصل والإبداع.
في زمن أصبحت فيه الرعاية التجارية شرطاً أساسياً لاستمرار المهرجانات العالمية، غالباً ما تفرض هذه الرعايات شروطها وتؤثر على الهوية الفنية. هنا تبرز أهمية موقف حسين فهمي، الذي اختار أن يوجه رسالة واضحة: مهرجان القاهرة السينمائي سيظل منبراً وطنياً وثقافياً، لا ساحة صفقات أو إعلانات.
هذا الموقف يعزز صورة المهرجان كمؤسسة ثقافية مستقلة، ويؤكد أن قيمته الحقيقية تكمن في رسالته الفنية والحضارية، لا في حجم الرعاة أو الأرقام المالية. وهكذا يضع فهمي المهرجان في موقع متوازن بين الحفاظ على استقلاليته والانفتاح على العالم، ليبقى علامة مضيئة في المشهد السينمائي الدولي.
يبقى موقف الفنان الكبير حسين فهمي جديراً بالتقدير، ليس فقط لحرصه على مهرجان القاهرة السينمائي، بل لتمسكه بهوية مصر الثقافية أمام العالم. إنه يثبت أن القيم والمبادئ قد تكون أقوى من أي إغراء مادي، وأن اسم مصر يظل دائماً فوق كل اعتبار .