مقالات الرأى

صفوت عباس : ( العقاب الخاطئ ! )

0:00

.. افرغ الناس مفهوم النائب من مضمونه الحقيقي (التشريع والرقابه) وحولوه الي صنم يحملونه علي الاعناق ويهتفون له _كل ذلك _ توسما فيه كوسيط يوظفهم وينجز طلباتهم ويتوسط لهم ويمنحهم فرص فلما لم يستطيع الي ذلك سبيلا واصبحت الخدمات والتوظيف عزيزه انقلب الناس علي النواب فعزفوا عن انتخاب في منطق خاطئ.

.. الرسالة التي ارسلها الناس للمرشحين من فاز ومن لم يوفق بالعزوف عن التصويت في انتخابات الاخيره مجلس الشيوخ التي سجلت نسبه التصويت فيها حدود ١٤ ٪ في المرحله الاولي والتي حسمت فيها نتيجه القائمه الوحيده ومقاعد الفردي في دوائر كثيره من الجوله الاولي _الرساله _ مفادها ان الناس اعتادوا نائب خدمات وليس تشريع وهو المفهوم الخاطئ الذي يصر عليه الفهم العام وانعكس بامتناع الناس عن التصويت ليسجلوا ان الوعي العام يحتاج لاعاده ضبط علي الصحيح

.. الحاله الشعبيه المصريه بالشغف بالانتخابات والمرشحين حاله قديمه بدات مع اول انتخابات نيابيه مباشره في مصر ١٩٢٤ ، وتتبع الناس بلهفة إجراءات التمهيد للانتخابات، وتألفت اللجان الشعبية في مختلف المدن والقرى، وكان معظمها من لجان الوفد. وكانت الدلائل والملابسات تدل على أن الوفد سينال الأغلبية الساحقة في الانتخابات، فشخصية سعد وزعامته للأمة، والمنزلة التي نالها في نفوس المصريين، كانت وحدها كفيلة بهذا الفوز، ولا غرو تركزت فيه الثورة، لأنه كان زعيمها، وكان نفيه مرتين مما زاد الشعب تعلقًا به والتفافًا حوله، وبخاصة لأن عودته الثانية من المنفى كانت قبيل الانتخابات بمدة وجيزة، فكان ترشيح الوفد يضمن في الغالب فوز كل من يتقدم للانتخابات).

.. حاله الشغف بالانتخابات والاشخاص الان لاتماثل بالطبع حاله الاحتفاء بالوفد وسعد باشا وحاله اول انتخابات مباشره فكل العناصر متغيره ولاترقي في الحاله الحاليه للحاله الاولي ولكن حاله الاحتفال الانتخابي موجوده وبصخب واضواء اشد في شكل تشاركيه الاحتفال بالمولد.

بين الحاله الاولي والاخيره تغيرت الدوائر ونظم الانتخاب من فردي الي قائمه نسبيه الي هجين من قائمه مغلقه وفردي مع اعتبار كوتات انتخابيه كانت بنسبه النصف للعمال والفلاحين في برلمانات مابعد١٩٥٢ والتي تحولت لتمثيل ملائم بموجب دستور ٢٠١٤ مع حصص لذوي الهمم والمراءه والشباب والمصريين بالخارج والمواطنين من طوائف اقل عددا لضمان تمثيل جيد. وتغيرت مكانه النائب الاجتماعيه من باشا او بك او اقطاعي او بدرجه علميه او وظيفيه عاليه الي مواطن عادي وفلاح بسيط وان كان حاليا قد اصاب الانتخابات التضخم في نفقات الدعايه وجذب الناخب!! فاصبحت تحتاج (اثرياء) خاصه في المرشحين علي النظام الفردي او حتي القائمه الممتدة لقطاعات ضخمه تحتاج لدعايه ضخمه لايستطيعها بسطاء الناس.

.. في ظل احزاب قويه التنافس وبمرجعيات فكريه واضحه (ليبرالي او قومي او داع للاستقلال الوطني والتحرر) فكان الحزب الوطني الذي اسسه مصطفي كامل وحزب الوفد والاحرار الدستوريين والان اصبحت الاحزاب حسب راي المواطن (احزاب كرتونيه) بلا معالم فكريه وان كانت احزاب مدنيه بصبغه مصريه الا القليل الذي يغلب عليه شكل اخر بعيدا عن الاوراق الرسميه.

.. في الدوائر الريفيه قديما كان الاقطاعي او صاحب العزبه يوجه سير الناخبين وفي فتره اصبحت العصبيات القبليه هي المسيطر علي الناخبين والان تسيطر علي تصويتهم منفعه شخصيه او تصويت عقابي.

كانت البرلمان يمارس الرقابه والتشريع وربما خلق الوضع الرقابي هيبه للنائب لدي جهات الاداره مما كان يمكنه من انجاز ادوار خدميه تتراوح في وساطات لتوظيف مؤيديه وقتما كان التوظيف متاحا الي جلب موارد تحسن الخدمات والمرافق بدائرته الي خدمات شخصيه اخري للمقربين او لعموم الدائره وكلما زاد الدور الخدمي زاد بريق النائب وزادت قدرته علي البقاء نائبا لدوره او دورات تاليه.

مع ضبط امور التوظيف ومركزيه الخدمات قلت قدره النائب علي ارضاء مؤيديه ودائرته لكن يظل الشغف بالانتخابات شعبيا موجود لانتخاب بديل عقابا للنائب القديم الذي لم يرضيهم الي ان تحين انتخابات جديده يعاقب فيها الناس النائب الذي هتفوا له باختيار بديل وان كان يفلت من العقاب من تضمهم القائمه المغلقه ومؤخرا كان عقاب الناخبين بالعزوف كليا عن التصويت.

زر الذهاب إلى الأعلى