مروان مصطفى يكتب : طوفان الأقصى مغامرة أم مؤامرة وهل جاء وقت الحساب !!؟

هل كانت طوفان الأقصى مغامرة غير محسوبة العواقب قامت بها حماس منفردة ؟؟؟
لقدحان الوقت لكي نقف لحظة لنلتقط فيها الانفاس ، ولنستعيد شريط الاحداث منذ بدايته حتي الان .. لكي يتمكن كاتب التاريخ من التعرف علي خبايا طوفان الأقصى واسرارها ، وليسجل بصراحة احداثها وجرائمها ، وليعرف العالم والاجيال القادمة النوايا الخبيثة والمصالح الخاصة لأبطالها والتي سببت كوارث واضاعت دوﻻً وشردت شعوباً في المنطقة … لقد قامت حماس بتلك الحرب لكي تحرر القدس ولاحياء القضية الفلسطينية من جديد .. تحت شعار المقاومة الفلسطينية .. وقالت ان قرارها كان منفرداً ونابعاً من ضميرها الوطني المخلص دون اي تدخل خارجي .. وقد أثبتت الايام والأحداث عكس ذلك تماماً.. فالمقاومة الوطنية الحرة الواعية لا تتسبب في تدمير شعبها وفنائه وتشريد وتجويع نسائه واطفاله ، وتلك المقاومة المخلصة أضاعت غزة وبعدها الضفة .. وتسببت في اجتياح لبنان والقضاء على حزب الله ، واحتلال نصف سوريا ،وتهديد الحدود والسيادة المصرية ، بل والاعجب انها أدت الي ضرب ايران وكسر شوكتها في المنطقة …تلك المقاومة التي قدمت لإسرائيل أكثر مما تتمناه ، وأكسبتها أكثر مما أضرتها .
لقد استثمرت اسرائيل تلك المغامرة وجعلتها نقطة انطلاق لتتخلص من القضية برمتها ، ووفرت لها الذريعة والمبرر القانوني لتصفية الفلسطينيين وابادتهم بحجة الدفاع عن النفس ومنحتها المشروعية الكاملة لقصف الأبرياء وهدم منازلهم وقتلهم في خيامهم التي تأوييهم فوق الأرض بدلاً من مسئولي حماس المتواجدين في انفاقهم ومخابئهم تحت الارض… لقد حققوا حلم اسرائيل الكبرى ( ولا نعلم ان كانوا عن قصد او بدون ) واعادوا احتلال غزة والضفة بدلا من تحرير الأقصى.. وأخيراً ستبدأ اسرائيل في اكمال (طريق الهند البري ) الواصل من ميناء جبل علي في الامارات العربية مروراً بالسعودية وصولاً لميناء ايلات البحري ومنه الي قناة بن جوريون المزمع إنشاؤها لإضعاف وخنق قناة السويس.
هل كانت تلك الحرب خطة ايرانية نفذتها حماس ..؟؟
لقد كانت إيران هي الحاضنة الأساسية لحماس فهي التي قامت بالتمويل والتخطيط والتسليح والتدريب ..لكي تقوم بتوجيه ضربة قوية بالوكالة لإسرائيل لتوقف أو تبطئ قطار التطبيع السريع بين السعودية واسرائيل .. وفي الغالب ان قادة حماس قد وافقوا علي الخطة رداً للافضال الايرانية ، واستحسنوها لأنها تتوافق مع مصالحهم اذا ما نجحوا في توجيه ضربة عسكرية تحدث فرقعة مدوية ، تمكنهم من الحصول علي عدد من الاسري والرهائن ، بما يجبر اسرائيل علي التفاوض بشأنهم ، وهو ما سيزيد من هيبة وشعبية حماس في الداخل الفلسطيني ، وبما يرفع اسمها دولياً ويؤكد علي احقيتها في تمثيل الشعب الفلسطيني وقيادته بدلاً من السلطة الشرعية لأبو مازن .
والسؤال الاخطر ..هل كانت اسرائيل علي علم بخطة طوفان الأقصى قبل وقوعها وسمحت بحدوثها لكي تستغل وقائعها وتستثمر احداثها .
يقول الكثيرون إذا كانت ايران هي الحاضنة الأساسية لحماس فإن نتنياهو هو الراعي الرسمي لها وهو من اوائل مؤسسيها ، وأحد أهم مموليها ب ٣٠ مليون دولار شهرياً وهناك شواهد أخري تدلل على صحة تلك الشكوك :
علي مدار ٨ شهور أو أكثر شيدت حماس قرية هيكلية تشابه للمستوطنات الإسرائيلية … وأقامت سياجاً عالياً يماثل السياج الفاصل بين غزة واسرائيل في العراء بأحد مناطق غزة لتدريب عناصرها علي الاقتحام والتدريب علي اجتياز الأسوار العالية باستخدام الطائرات الشراعية .. وبالتأكيد لا يمكن لأي عاقل ان يصدق ان المسيرات الاسرائيلية التي تغطي سماء غزة علي مدار الساعة ، وترصد دبه النملة لم تلاحظها او ترصدها .. ولا يمكن ان نتصور ان كل اجهزة الاستخبارات لم تشاهد او تسمع او تلاحظ تدريبات الطيران الشراعي في سماء غزة طوال هذه الفترة .
وهناك أيضاً تسريبات التحقيقات الاسرائيلية التي تحدثت عن قيام جنود حرس الحدود بإبلاغ قيادتهم ( قبل بدء الهجوم ) عن تحركات مريبة لعناصر حماس وتجمعات لهم بالقرب من السياج الحدودي ، وتم ايقاظ رؤساء اجهزة الاستخبارات وقيادات الجيش لإخطارهم بذلك ، وعقدوا اجتماعاً تليفونياً أصدروا بعده توجيهات بعدم الاكتراث لأنها مجرد تدريبات روتينية لعناصر حماس .
ولا ننسي ما ذكره (وزير الدفاع المقال ) انه أبلغ نتنياهو تليفونيا عن الواقعة .. ولم يصدر اي توجيهات .. وهو ما أنكره نتنياهو في التحقيقات ، وكان سبباً رئيسياً لإقالته من منصبه عقاباً له بعد ذلك.
في الاغلب الاعم ان اسرائيل كانت تعلم بالضربة قبل حدوثها( واحتمال انهم أساءوا تقدير حجمها وقوتها وتبعاتها ) وبعد ان افاقوا من الصدمة قرر نتنياهو استثمار احداثها بما يحفظ ماء وجه الجيش ويعيد الهيبة لإسرائيل.. وذلك من خلال توسيع دائرة الحرب والقضاء على حماس ،وتهجير سكان غزة لسيناء …وبسبب لصرار مصر علي رفضها واغلاق حدودها وبدأت في حشد جيشها .. رأت اسرائيل تأجيل المواجهة مع مصر ..والبدء في قتال الاذرع الايرانية.فاجتاحت جنوب لبنان واسقطت حزب الله واغتالت اغلب كوادره ، وقامت باجتياح سوريا واحتلت نصفها .. وبعد تولي ترامب للرئاسة ..وبعد تمكن نتنياهو من السيطرة علي توجهاته ،واخضاعه واقناعه بمخططاته التوسعية ،تم تطوير الخطة واستطاع تأليبه ضد مصر وقيادتها للإصرار علي رفض التهجير وقيامه بإلغاء زيارته للبيت الأبيض ،كما أقنعه ان يترك له حرية التعامل مع كافة الامور ، وان يغض النظر عن المطالبه بوقف الحرب حتي ينتهي من حصار غزة وتدميرها بالكامل ، وان يغمض عينيه عن ايقاف المساعدات الإنسانية ، وحشر سكانها علي الحدود المصرية بما يجبرها دولياً وانسانيا علي فتح حدودها وادخال الفلسطينيين الفارين من الحرب وايوائهم .. وفقاً لقوانين الحروب والقانون الدولي الإنساني .
وقد وافق ترامب على الخطة واشترط حصوله علي غزة بعد افراغها ليقيم عليها مشروعه الاستثماري.. وذلك في مقابل موافقته علي القيام بضم اجزاء كبيرة من الضفة لإسرائيل ، كما اشترط عليه عدم القيام بضرب ايران .. الابعد انتهاء زيارته لدول الخليج وحصوله علي الاموال منهم .. وقاما بإعداد سيناريو اعلامي لوجود خلافات حادة بينهما ..ومن الغريب ان نتنياهو نجح في توريطه بضرب الحوثيين ، وتمكنمن اقحامه في ضرب المنشآت النووية الايرانية في تمثيلية اعلامية هزلية تبادلت فيها الدول الثلاثة ضرب الصواريخ ثم اعلنوا جميعا انتصارهم الساحق ولم نعلم من الذي هزم .
وبحمد الله وفضله.. كانت مصر هي الدولة الوحيدة التي صمدت في شموخ وكبرياء ، ولم تهتز لها شعرة ، ولم تنجر الي حرب لم تختارها ، ولم يتم ابتزازها مثل الأخرين وتصدت بمفردها وبقوة جيشها لكل التهديدات العسكرية علي حدودها الداخلية أو حتي خارجها ، كما افشلت حنكتها الدبلوماسية كل محاولات التهميش أو التحجيم لدورها ولثقلها الدولي والإقليمي ، واندهش العالم من صلابة شعبها وتكاتفه خلف جيشها وقيادته ، في اصرار بالغ للحفاظ علي كرامته وسيادة اراضيه مهما كانت التهديدات او الخيانات او طعنات الأشقاء قبل الاعداء.
لواء / مروان مصطفى المدير الأسبق للمكتب العربي للإعلام الامني بمجلس وزراء الداخليه العرب