مقالات الرأى

عبد المعطى أحمد يكتب: 7 أكتوبر ماذا حقق؟

0:00

كثيرون يسألون ماهى الأهداف التى حققها طوفان الأقصى فى 7 أكتوبر 2023 سوى أنه فتح أبواب جهنم على الشعب الفلسطينى, ودمر قطاع غزة, وفتح الباب أمام المخططات؟, ويسألون أيضا:هل هناك علاقة بين هذا الهجوم والمخطط بحيث يمنح الذريعة للمخطط الصهيو – أمريكى ليعانق الواقع ويطرح على الطاولات؟, وماذا جنى الشعب الفلسطينى من هذا الهجوم؟, ومع الاحترام الكامل للمقاومة الشعبية ,ماهى الحسابات والتقديرات التى ارتكز عليها هذا الهجوم؟ هل وضع فى اعتباره ردة فعل العدو الصهيونى ورعونته؟, وهل جاء فى صالح القضية الفلسطينية؟ هل حمى الشعب الفلسطينى فى ظل الخسائر الفادحة والأرقام المفجعة فى أعداد وأرقام الشهداء والمصابين والدمار؟, وماذا حدث للمنطقة فى لبنان وسوريا؟ وماذا عن الموقف الآن فى قطاع غزة وشبح التهجير والتصفية, ومصر تقف وحيدة تقاوم بشرف وتدفع الثمن , ولاتجد من يساند ويدعم, ويواجه ويتصدى للمخطط, فالجميع يهربون من المواجهة إلا مصر, والمجتمع الدولى يكتفى بمصممة الشفاة, لكن مصر تلعب مباراة عبقرية فى الشطرنج باحترافية ومهارة وتحرك أوراقها, ومالديها من بدائل, وترى جيدا الواقع فى أوروبا والعالم, وهناك من يتمنى الشراكة مع مصر والمصالح المشتركة والمتبادلة, كما أن أوروبا تخسر مع استمرار اضطرابات البحر الأحمر التى صنعتها الإدارة الأمريكية.
المزايدة على الدور المصرى فى الدفاع عن القضية الفلسطينية ليس أمرا جديدا, اعتدناه منذ سنوات دون أن ينال من المواقف الصلبة, حتى فى فترات الحروب مع إسرائيل خرج من بين الصفوف فى الداخل والخارج من يحرض وينكر, ولانملك إلا أن نقول: إن البكاء على مافات لايفيد, والشجب والصراخ والإدانة لن تعيد حقا, ولن ترجع الروح من جديد فى جسد القضية الفلسطينية المسجى فى ثلاجة مشروعات التهجير, وجرائم دولة عنصرية تدوس القوانين الدولية بحذائها, ولاتحترم معاهدات أو اتفاقات, ولاتلتزم بوعود أو تعهدات, ولاتعرف إلا سياسة القوة والبطش والقتل والدماء, ويدعمها رئيس أكبر دولة فى العالم بالأسلحة الفتاكة, والأفكار المجنونة, ويقف المجتمع العربى على حد السيف, معارضا إعدام القضية الفلسطينية بمشنقة التهجير وأطماع سرقة ماتبقى من الأراضى الفلسطينية, حتى لايكون هناك شىء إسمه فلسطين على وجه الأرض.
العالم الآن بما فيه الولايات المتحدة الأمريكية يمر بأكبر عملية انقلاب عرفها منذ الحرب العالمية الثانية, فالمسيرة الأمريكية منذ الحرب كانت تدفع التطور الإنسانى إلى تصفية المستعمرات وعالم ألأكثر غنى واحسن صحة, وبلغ عدد سكان الكوكب 8مليارات نسمة يعيشون حالة من العولمة لم تشهدها البشرية من قبل, ولم تخل المسيرة الأمريكية من ذنوب ومعاص كثيرة فى حروب قاسية ومساندة ظالمين, ولكنها كانت فكريا ومؤسسيا دافعة ضد العنصرية, وسابقة فى العلم, وساعية أحيانا نحو السلام, وترامب يجسد كل ماهو ضد ذلك, وهو كذاب بالطبيعة, ومدان من محاكم أمريكية لاتستطيع تنفيذ أحكامها فى رئيس يحكم طبقا لفصل السلطات, وفى اليوم الأول من حكمه أساء استخدام سلطة الرئيس فى اتخاذ قرارات تنفيذية, لكى يقلب بالمعنى الحرفى القانون والدستور الأمريكى رأسا على عقب, فأخرج أمريكا من عالمها الذى أنشأته عندما –للمرة الثانية – أخرج واشنطن من اتفاقية باريس لمواجهة الاحتباس الحرارى, ومنظمة الصحة العالمية التى كشفت فشله فى مقاومة “كوفيد 19”, وفى العموم فإن ترامب عبر عن عدائه للأمم المتحدة والمحاكم الدولية, وخصومته للاتحاد الأوروبى وحلف الأطلنطى, واستحضر من كل ذلك كل تقاليد القرن التاسع عشر والعشرين فى الامبريالية.
لاشك فى أن الأوضاع الراهنة برمتها تعمق حالة عدم الاستقرار فى سوريا, وتعرقل جهود إعادة الاستقرار السياسى والأمنى, كما تزيد من احتمالات تفكك الدولة وتصاعد العنف الداخلى والإقليمى, وهذا الوضع يفتح الباب أمام ثلاثة سيناريوهات أولا : تفكك سوريا إلى كيانات طائفية(درزية فى الجنوب, وكردية فى الشمال, وإسلامية فى إدلب) مع استمرار الصراعات المسلحة لوقت أطول ثانيا: استمرار الوضع الراهن من عدم الاستقرار, مع تصاعد متقطع للعنف بين الفصائل والقوى الداخلية والخارجية ثالثا: نجاح الحوار الوطنى فى بناء نظام لامركزى يضمن حقوق كل المكونات, مع الضغط الدولى لوقف التدخلات الخارجية, ونجاح هذا السيناريو مرتبط بعاملين أساسيين: الدعم الدولى للسيادة السورية, وهو الأمر غير المتوافر حاليا, وقدرة النخب المحلية على تجاوز الانقسامات الطائفية وبناء توافق وطنى, ورأيى أن سوريا قاب قوسين أو أدنى من اندلاع حرب أهلية جديدة بسبب التدخلات الاسرائيلية, وتدخل المصالح الاقليمية, وهشاشة الوضع السياسى والأمنى, والانقسامات الداخلية, وبدون إرادة داخلية وعربية ودولية لعودة الاستقرار, ستظل البلاد ساحة للاقتتال الداخلى والتدخل الأجنبى, ولصراعات إقليمية ودولية تمنع أى استقرار حقيقى.
مصر استقبلت حتى الآن نحو 107 آلاف فلسطينى من المرضى والمصابين وذويهم بما يعادل نسبة نحو 5% من إجمالى الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة, وقدمت لهم الرعاية الانسانية والطبية اللازمة, وهناك حاليا 8آلاف فلسطينى مصاب يتم علاجهم فى المستشفيات, وتم تطعيم 27 ألف طفل فلسطينى, وإجراء أكثر من 5آلاف عملية جراحية لضحايا العدوان الاسرائيلى.
إذا جلست مع أى شخص لدقائق تراه يتحدث عن “آفة الموبايل والسوشيال ميديا”, وكيف أنها أثرت سلبا على العلاقات الأسرية, وعلى العلاقات الانسانية, وأن الشخص الطبيعى لم يعد له وجود فى هذا العالم الرقمى, وكيف أنه شخصيا بدأ يعانى لأن الأطفال يتأثرون بالموبايل أكثر من تأثرهم بوالديهم, وأن الأب والأم كل منهما فى شأن, والأولاد فى شأن آخر, والحياة تسير بشكل سلبى جدا, وإذا جلست مع نفس الشخص لمدة تزيد على نصف ساعة مثلا, تجده قد غادر المكان بروحه وقلبه, رغم أنه مازال بجسده, وعاش مع الموبايل فى حالة إدمان, والكل يرفض هذا الادمان, والكل يمارسه, لوغاريتم آخر!
يقول الشيخ محمد الغزالى: إذا مات ضمير الإنسان, وأنكر الحق, فلن ينفعه حفظ القرآن ولادراسة السنن.

زر الذهاب إلى الأعلى