مقالات الرأى

محمد محمود عيسى يكتب: القبائل والعائلات خطر يهدد مصر

0:00

كثيرا ما كنا نشاهد السيد الرئيس في المؤتمرات واللقاءات التي يعقدها مع المسؤولين والمواطنين وفي المناسبات المختلفة يتحدث موجها حديثه إلى الشعب المصري قائلا ” طول ما احنا ايد واحدة محدش يقدر يعمل معانا حاجة ” وكأنه يحاول أن يغرس فينا مجددا معنى الوحدة وأن يجعلنا نعتاد سماع هذه المعاني التي يتحدث بها إلينا حتى تكون جزءا أصيلا من حياتنا وثقافتنا ونمارس الوحدة والتماسك مع أنفسنا ومع غيرنا

ولم يكن تأكيد السيد الرئيس على وحدة وتماسك المصريين عارضا أو مرتبطا بحدث أو مناسبة معينة وإنما المتتبع لهذه الأحاديث واللقاءات يجدها في أغلبها لا تخلو من تأكيد السيد الرئيس على أن وحدة وتماسك المصريين هي الأساس والأصل في مواجهة كل المخططات التي تريد النيل من وحدة وتماسك المصريين وبالطبع لم يكن تأكيد السيد الرئيس على هذا الأمر آتيا من فراغ وإنما تقديرات المواقف والشواهد والأحداث المحيطة بمصر وتراكم الخبرات والنظرة المستقبلية وتوقع الأحداث كل هذه الشواهد تؤكد على أن الأصل في مواجهة هذه الأخطار التي تحيط بالبلاد هو بالفعل تماسك المصريين ووحدتهم وهو الأساس الذي تنطلق منه كل عوامل ومفردات قوة مصر الشاملة وهو ما ظهر وتأكد خلال الأزمات الأخيرة .

وإذا نظرنا إلى مفهوم وحدة المصريين وتماسكهم نجد أن هذا المفهوم يكتسب خصوصية وتفردا لا يتواجد في مكان آخر حتى وإن كانت هناك بعض الاختلافات الطبيعية نتيجة الدين أو الجغرافيا أو التاريخ أو أي عوامل أخرى إلا أن ما يميز حتى هذه الاختلافات أنها تنصهر في بوتقة الوطن ويطغى عليها ويحركها كلها الروح المصرية الأصيلة والوطنية الراسخة القوية المؤكدة في نفوس المصريين وما نتندر به أحيانا أننا لو كنا فقراء ماليا أو اقتصاديا إلا أننا أثرياء وأغنياء بوطنيتنا وحبنا لبلادنا أغنياء وأثرياء بأصالتنا وبمصريتنا الأصيلة الراسخة والمتجذرة في نفوسنا والممتدة عبر الأف السنين .

ومع تقدم الزمن ومواكبة الأحداث المثيرة التي يمر بها العالم وخاصة منطقتنا العربية وما صاحبها من تفكك للكثير من الدول المحيطة بنا وما رأيناه من معاناة الشعوب وتفرقها وتناحرها فيما بينها من خلال الانقسامات التي ضربتها وتخللت بينها وكانت هي العامل الأساسي لتفكك وانقسام هذه الدول نجد أن الحفاظ على وحدة وتماسك المصريين قد أصبح الآن فرضا وواجبا على كل مصري ومصريه ونجد أن الحفاظ على وحدة المصريين وتماسكهم من المفترض أنه يصبح  منهج حياة واستراتيجية واضحة لدى القادة والمسؤولين عن الحياة السياسية والحزبية وأساس كل البرامج والخطط السياسية على مستوى الدولة والأحزاب التي يجب أن تهدف إلى الحفاظ على وحدة المصريين وتماسكهم

يأتي هذه الكلام في الوقت الذي تتداعي علينا الأخطار من كل جانب كما تتداعى الأكلة على قصعتها نجد أن أحد الأحزاب السياسية الوليدة والذي يسعى جاهدا إلى اقتسام الساحة السياسية والحزبية بكل قوة وسرعة يخصص أمانة مركزية داخل الحزب ويطلق عليها أمانة القبائل والعائلات المصرية

استغربنا جميعا الخروج المفاجئ للحزب وظهوره القوي على الساحة السياسية واستغربنا أكثر من تشكيل هذه الأمانة الغريبة على ثقافة المصريين وحتى على أسماعهم وطرح تشكيل الأمانة الجديدة مجموعة من الأسئلة الحائرة المقلقة.         ما هي أسس عمل أمانة القبائل والعائلات المصرية وما هي السياسة العامة التي سوف تنتجها هذه الأمانة مع القبائل والعائلات وما هو معيار فرز وتصنيف القبائل والعائلات وكيف يسمح هذا الحزب لنفسة أن يحيي روح القبلية بين المصريين في الوقت الذي نرى أن القبلية قد تكون بابا لدخول أنواع من الفرقة والعنصرية والتمايز بين المصريين لم يعهدها الشعب المصري من قبل ولم تكن مطلقا جزءا من ثقافته ولا من أسلوب حياته وسؤال آخر خطير ما هو الأساس الذي سوف تنطلق منه هذه الأمانة في تصنيف من هو خارج القبائل والعائلات وما هو مفهوم وتقييم الحزب الذي شكل أمانة القبائل والعائلات لمعنى وقيمة الوطن وكيف نمنع طغيان روح وعصبية القبائل والعائلات على مفهوم وقيمة المواطنة لدى المصريين كيف يمكن لهذه الأمانة أن تصنع موائمة منطقية بين القبيلة والعائلة والوطن وكيف نشرح للأجيال الشابة الواعدة التي نقدم لها حب الوطن ومعاني الفداء والتضحية بالغالي من أجل الوطن الأغلى الذي يضم ويحتضن المصريين بدون تفرقة ولا تمييز كيف نقدم لهؤلاء أمانة القبائل والعائلات المصرية كيف سمح هذا الحزب لنفسه أن يحي عنصرية وتمايز العائلات والانتماء والولاء للقبيلة ويصنع سباقا محموما في أمانات المحافظات للانضمام والاستحواذ على هذه الأمانة في مشاهد ومفاهيم كنا قد نسيناها وتسعى الدولة جاهدة بكل مؤسساتها أن تؤسس لجميع أشكال الوحدة والتماسك بين المصريين                                                    .                                                                                                          إن أمانة القبائل والعائلات أمانة خطرة في أوقات وظروف دولية وإقليمية خطيرة لا تحتمل أي تلاعب أو اقتراب من وحدة وتماسك المصريين وعلى هذا الأساس ماذا لو قام الحزب بإلغاء هذه الأمانة حفاظا على خصوصية وتماسك وانسجام المصريين واحتراما وتقديرا للظروف الدولية والإقليمية الخطيرة التي تواجه البلاد ماذا لو قام الحزب بإلغاء هذه الأمانة منعا للتمايز والاختلاف وابتعادا عن تكريس كل أنواع ومعاني العصبية والقبلية وعدم التشتت في الانتماء بين المصريين ماذا لو قام هذا الحزب بإلغاء هذه الأمانة احتراما وتقديرا للأجيال الشابة الواعدة التي تحاول الدولة وأجهزتها المختلفة ومؤسساتها أن تزرع فيهم معنى وقيمة الولاء والانتماء للوطن وتنشر بينهم مفهوم ومعاني وقيمة المواطنة

إن المسؤولية الوطنية تفرض على كل واحد أن ينأى بنفسه عن كل مواطن وأسباب الفرقة والتشتت وأن يؤثر حب الوطن والانتماء له على أي حب آخر أو انتماء أيا كان هذا الانتماء لقبيلة أو عائلة لأن مصر تعلو ولا يعلى عليها

زر الذهاب إلى الأعلى