د.فتحي حسين يكتب : “غزة” حين يصبح الصمت خيانة!

في غزة، لا تشرق الشمس كما نعرفها… ولا تغرب كما اعتدناها. في غزة، باتت الأرواح تُحصد بالجملة، واوشكت مرحلة الإبادة الكاملة لباقي الفلسطينيين في غزة إن تنتهي ،بعد أن فشلت فكرة تهجيرهم الي خارج القطاع نهائيا ، بينما العالم يكتفي بالمراقبة، أو في أحسن الأحوال، بإطلاق بيان!
ها هو الاحتلال الإسرائيلي يعود إلى هوايته المفضلة: القتل الجماعي بلا رحمة أو شفقة ، بعد أن ضُرب وقف إطلاق النار بالحذاء، وعادت الغارات الجوية لتنهال على رؤوس المدنيين كالمطر الأسود. أكثر من ألف شهيد جديد منذ 18 مارس الماضي فقط، وأكثر من ألفين وثلاثمائة مصاب، ليرتفع عدّاد الضحايا إلى رقم لم يعد البشر قادرين على استيعابه: خمسون ألفا وستمائة وتسعة شهداءومائة وخمسة عشر ألف جريح تقريبا والعدد في زيادة مستمرة حتي كتابة المقال ! أرقام تقشعر لها الأبدان، لكنها لا تهز شعرة في رؤوس من “يدعون” الإنسانية!
وبعد أن وسع جيش الاحتلال نطاق عملياته الإجرامية في القطاع، ابتلع مساحات جديدة من الأرض المحاصَرة، مغلقا المعابر، مانعا المساعدات، وكأن الهدف النهائي واضح وضوح الشمس: تركيع غزة و خنقها ،ثم سحقها بالكامل لتحقيق هدفهم الشيطاني المخطط من قبل !
تل أبيب، بكل بجاحة، تسمي هذا الجحيم “ضغطا تفاوضيا”! تريد من حماس أن تسلم بشروطها، بعد أن قتلت ٩٠% من قيادتها ،بينما تقصف الأطفال في حضاناتهم، والمرضى على أسرة الموت، وتحرق كل ما ينبض بالحياة!
ولم تكن “مارجريت هاريس”، المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، مبالغة حين قالت: “ما يجري في غزة إبادة جماعية… لم أشهد كارثة إنسانية بهذا الحجم طيلة مسيرتي المهنية!” كلمات مرعبة، لكنها واقعية. فهناك نقص حاد في الماء، في الغذاء، في الدواء… في الهواء حتى! فلا يوجد مستشفيات هناك وهي التي تحولت إلى مقابر، الأطباء يعملون بلا معدات، بلا كهرباء، بلا أمل.!
هل تصدقون أن الفرق الطبية لم تعد تستطيع الوصول إلى الجرحى؟ لأن القصف لا يتوقف، والدخان لا ينقشع. هذا ليس “صراعا”… هذه محرقة جديدة تُرتكب تحت أنظار العالم الذي يكتفي بمصمصة الشفايف!
ووسط هذا الجحيم، جاء صوت الحق من قلب الأزهر الشريف، حين دعا فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، العالم كله—حكومات وشعوبا ومنظمات—إلى ضرورة نجدة أهل غزة فورا، وتقديم الدعم الإنساني والطبي والغذائي دون إبطاء. قالها بوضوح: “السكوت على ما يجري تواطؤ، وترك أهل غزة للموت خيانة للقيم والضمير الإنساني.”
صوت الأزهر لا يشترى، ولا يزايد. إنه صوت العدل، صوت الإنسانية، صوت مصر الذي لا يلين.
إسرائيل لا تريد سلاما بل تريد استسلاما. والفلسطينيون لا يملكون رفاهية التراجع، لأنهم يدافعون عن وجودهم، عن شرفهم ، عن حياة تُنتزع منهم كل يوم.!! ويبقى السؤال الأهم: إلى متى هذا الصمت؟
ألم يحن الوقت لأن نقولها واضحة، بلا لف ولا دوران؟
ما يجري في غزة وصمة عار على جبين البشرية كلهاوإن لم نتكلم الآن، فمتى ؟!