راندا الهادي تكتب : سدة نفس

هل العمل بمجالات محددة قد يصيب الإنسان بالاكتئاب والأرق والتوتر وغير ذلك من الأمراض النفسية ؟
وما مدى صحة وجود مهن تقصف العمر البشري ؟!! ، أسئلة تواترت على ذهني عند كتابتي لهذا المقال ، خاصة وأنني في هذه الفترة أمُرُّ بحالة من الحزن الصامت بسبب مهنتي كمذيعة أخبار .
وهنا تذكرت حديث أستاذي الإعلامي المخضرم محمد السعيد فائق عند بداية عملي بمجال الأخبار ، عندما قال : يا ابنتي هذه المهنة تعيسةٌ، تجلب الحزن على العاملين فيها ، لذا سيراكي الآخرون دومًا قاطبة الجبين مهمومة .
صراحًة عندما كان يقول لي هذا الكلام كنت أضحك، غير مدركة لدقة وصفه للمشتغلين بالمجال الإخباري وتأثير مهنتهم عليهم نفسيًاو فسيولوچيا، وكذلك العديد من المهن التي تستهلك الإنسان ، وهنا طرأت على بالي فكرة دفعتني للبحث وطرح التساؤلات التي بدأت بها المقال ، هل بالفعل هناك مهن تستهلك أصحابها نفسيا ؟!! هل هناك مهن ووظائف تقصف الأعمار ؟ الإجابة كانت بالإيجاب ، فوفقًا للدراسات العلمية جميع المهن تؤثر على صاحبها نفسيًا و فسيولوچيا ، وتصدرت المقدمة مهنٌ مثل الخدمات الطبية والتعليمية و خدمة العملاء ، ليقابلني مصطلح عبقري وهو ( الاحتراق النفسي) ، حيث أطلقت الدراسات هذا المصطلح على من تستهلكهم المهن ، وعرفوه بأنه حالة من الإرهاق الجسدي والعاطفي والعقلي الناجمة عن الإجهاد المزمن في مكان العمل.
إذن ما هي أعراض الاحتراف النفسي ؟ أعراضه هي التعب المستمر، والصداع، واضطرابات النوم، وانخفاض الطاقة.التشاؤم واللامبالاة: فقدان الحماس، والسخرية، والشعور بالانفصال عن العمل والزملاء ، بالإضافة إلى انخفاض الإنتاجية والأداء صعوبة التركيز، وتأجيل المهام، وزيادة الأخطاء، وانخفاض الرضا الوظيفي.
أما الأعراض الجسدية كانت : آلام في المعدة، وتغيرات في الشهية، وضعف جهاز المناعة.
الطريف أن قائمة الأعراض – رغم طولها – يملكها الغالبية أو لنقل عدد لا بأس به منا ، لذا أيها القاريء إذا وجدت اسمك في اللوحة الشرفية للاحتراق النفسي ، فلا تقلق لست وحدك ، وإذا لم تجد ، فاستمتع بتميزك قبل انتهاء صلاحيته .
يبقى السؤال الأخير : هل هناك علاج أو لنقل وسيلة لإطفاء هذا الاحتراق ، علميًا هناك وسائل لتخفيف الاحتراق لا لإيقافه ، مثل تحسين بيئة العمل والرعاية الذاتية والدعم النفسي ، أما حياتيًا فلم ينجو من هذا الاحتراق سوى من كان يملك قيمةً وهدفًا ساميًا يسعى لتحقيقه من وراء مهنته ، فهل أنت منهم ؟!!.