مقالات الرأى

مايسة السلكاوى تكتب : (من السيرة النبوية ) الغزوات والسرايا – 4

0:00

خرج رسول الله صل الله عليه وسلم أول ذى القعدة من السنة السادسة للهجرة لأداء العمرة ومعه نحو 1400 من المسلمين وزوجته أم سلمة ولم يخرجوا بسلاح إلا بسلاح المسافر . كان سبب الخروج أن رسول الله صل الله عليه وسلم رأى فى المنام أن الله يأمره أن يدخل المسجد الحرام ، وأن يطوف ، و يحلق مع الحالقين ، وقيل ان النبى رأى أنه دخل هو وأصحابه المسجد الحرام وأخذ مفتاح الكعبة وطافوا واعتمروا ، وحلق بعضهم وقصر بعضهم ، فأخبر النبىأصحابه بذلك ففرحوا وحسبوا أنهم دخلوا مكة عامهم ذلك ،فأخبر عليه الصلاة والسلام أصحابه أنه معتمر وأمرهم بالخروج فاستعدوا للسفر وخرجوا معه .
فلما وصلوا “ذا الحليفة” احرموا بالعمرة وقلد الرسول الهدى وأشهره وعددها سبعون “بدنة”، فلما علمت قريش أرسلوا خالد بن الوليد ومعه 200 فارس ليعارضه فى الجبال ، وجاءت صلاة الظهر فقال بن الوليد لو كنا هاجمناهم فى صلاتهم ، ولكن هناك صلاة أخرى يمكننا الإغارة عليهم ،فنزل جبريل على رسول الله صل الله عليه وسلم بصلاة الخوف .
وسارالرسول واصحابه إلى “غدير الأشطاط” فجاء من يقول أن قريشا جمعت لك جموعا منهم الأحباش ليقاتلوك ويصدوك عن البيت الحرام ، فقال صل الله عليه وسلم :أشيروا علي أيها الناس ،فكان الرأى المضى على اسم الله ،وسلك الرسول طريقا آخر بين الجبال حتى بركت ناقته ” القصواء” فى الحديبية .
أرسلت قريش أكثر من مندوب لإبلاغ النبى بأن قريش ستقاتله ،وتمنعه من دخول البيت الحرام ،فاخبرهم أنه لم يأت إلا ليزور البيت ويعتمر فرجعوا وأبلغوا قريش أن محمدا لم يأت لقتال إنما جاء زائرا لهذا البيت . فقالوا :لا والله لا يدخلها عليهم عنوة ابدا ،ثم بعثوا عروة بن مسعود الثقفى ليتحدث إلى الرسول بهذا الشأن ،وبعد حديث من الأخذ والرد بين عروة وبعض الصحابة عاد إلى قريش وحدثهم عن حبهم للرسول وهيبتهم له ،ورغبتهم فى الصلح معهم فأبوا ذلك ، ثم بعث رسول الله صل الله عليه وسلم عثمان بن عفان إلى أهل مكة ليؤكد لهم الغرض من المجئ ، وأبطأ عثمان فى العودة فأشيع أنه قتل فقال الرسول عنئذ : لا نبرح حتى نقاتلهم ،ودعا المسلمين إلى البيعة على الجهاد والشهادة فى سبيل الله ،فبايعوه تحت شجرة من أشجار الطلح على عدم الفرار وأنه إما الصلح وإما الشهادة .
ولما علمت قريش بأمر البيعه خافوا ورأوا الصلح معه على أن يرجع هذا العام ،ويعود العام القادم ،ويقيم ثلاثة أيام ومعه سلاح المسافر ( الرماح والسيوف فى اغمادها ) وأرسلت قريش سهيل بن عمرو ليتم هذا الصلح ، وتم صلح الحديبية على ما رغبت قريش .
غزوة الحديبية هذه كانت من الغزوات التى لم يحدث فيها قتال ،وعلى الرغم من تسميتها غزوة إلا أنها ليست من الحروب ، فقد أعلن النبى عن نيته وهى أداء العمرة ،ولم يباغت قريش ، فلم يقصد الحرب والقتال . ونتج عن صلح الحديبية وقف العمليات العدائية وما نتج عنها واستتباب الأمن فى معظم أنحاء الجزيرة العربية مما مكن الرسول من توسيع نطاق الدعوة وإرسال الدعاه إلى جميع الأنحاء مما أدى إلى دخول كثير من الناس فى الإسلام .
ما كاد رسول الله صل الله عليه وسلم يعود من صلح الحديبية ويستريح بالمدينة لمدة شهر حتى أمر المسلمين بالخروج إلى خيبر ،فقد كانت خيبر وكر الدسائس والتآمر والمناوشات وإثارة الحروب ، فخرج الرسول عليه الصلاة والسلام فى مطلع العام الهجرى السابع فى جيش تعداده 6100 رجل ، وكانت خيبر محصنة تحصينا قويا فيها ثمانية حصون ، وكان يهود خيبر من أشد اليهود بأسا وأكثرهم سلاحا .
استمر القتال بشراسة على مدى ست ليال وفى الليلة السابعة وجد عمر بن الخطاب يهوديا خارجا من الحصون فأسره وأتى به إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ، فقال اليهودى :إن امنتمونى على نفسى أدلكم على أمر منه نجاحكم فقالوا : قد أمناك فما هو ؟ فقال الرجل : أن أهل هذا الحصن قد أدركهم اليأس وسيخرجون غدا لقتالكم ، فإذا فتح عليكم هذا الحصن فسألوا على بيت فيه منجنيق ودروع وسيوف يسهل عليكم بها فتح بقية الحصون . وقال رسول الله لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله عليه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله .
فلما أصبح الصباح قال : أين علي بن أبى طالب ؟ فقالوا هو يا رسول الله يشتكى عينيه ،  فدعاه وأعطاه الراية وقال له “والله لأن يهدى الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعيم ” .
وهكذا استولى المسلمون على خيبر وغنموا منها الكثير من السلاح والمتاع وقتل من اليهود فى غزوة خيبر ثلاثة وتسعون رجلا واستشهد من المسلمين خمسة عشر رجلا .
ومن ضمن ما غنمه المسلمون عدة صحف من التوراة فطلبت اليهود ردها فردها المسلمون إليهم ، ولم يفعل رسول الله صل الله عليه وسلم كما فعل الرومان حين فتحوا بلاد الشام فأحرفوا الكتب المقدسة فيها وداسوها بأرجلهم ، أو كما فعل التتار حين احرقوا الكتب فى بغداد .
‎وعندما تحقق النصر للمسلمين وصالح اليهود المسلمين على دفع الجزية ، قام الرسول بمراسله يهود “فدك” للصلح فأذعنوا ، وكذلكيهود “وادى القرى” التى فتحت أبوابها عنوه ،أما يهود “شيما” فقد استسلموا بدون قتال ودفعوا الجزية للمسلمين

زر الذهاب إلى الأعلى