مختار محمود يكتب: “الأزهر” و”الثقافة”.. خطوة على الطريق السليم

فيما أعلن الأزهر الشريف عن تبنيه مشروعًا لإحياء دولة التلاوة المصرية..قالت وزارة الثقافة إنها سوف تطلق مسابقة بعنوان “منشد الثقافة ..أصوات من نور”؛ بهدف اكتشاف مواهب واعدة من المبتهلين والمنشدين.
لقد هرمنا من أجل هذه اللحظة. طالما أخذنا على الأزهر الشريف تركه “الحبل على الغارب” في ميدان التلاوة، وعدم تدخله لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؛ تمهيدًا لإعادة الشيء لأصله، حتى صار التلاعب بالقرآن الكريم سمة أساسية عند عديد من القراء المعتمدين؛ جذبًا للشهرة، وبحثًا عن الأضواء.
كما ناشدنا وزارة الثقافة مرات ومرات من أجل أن تتولى مسؤوليتها في ميدان الابتهال والإنشاد الديني، بعدما صار عمل من لا عمل لها، وغزاه من لا يملكون الموهبة من الأساس. لمَن لا يعلم..فإن الشيخ نصر الدين طوبار –رحمه الله تعالى- كان مشرفًا وقائدًا لفرقة الإنشاد الديني التابعة لأكاديمية الفنون.
الأمسيات الدينية كاشفة لحال الجيل الحالي من المبتهلين والمنشدين، كما هي كاشفة أيضًا لأحوال القراء الذين يعتبر ظهورهم على هذا النحو الرديء من علامات الساعة الكبرى!
في الملف الأول.. دشنت الإدارة العامة للجامع الأزهر الشريف مشروع “مدرسة التلاوة المصرية”. المشروع يهدف إلى اكتشاف الأصوات الموهوبة من بين الراغبين من الأزهر الشريف بصفة خاصة والمصريين بصفة عامة، وتعزيز الهوية المصرية من خلال إعداد قراء متمكنين في تلاوة وأداء القرآن الكريم وفقًا للمدارس المصرية العريقة، وتخريج قراء متقنين، عن طريق تقديم تعليم متكامل لتلاوة القرآن الكريم بالقراءات العشر، فضلاً عن تطوير مهارات الأداء الصوتي الصحيح لضمان تلاوة مميزة تعكس التراث الإسلامي.
وكيل الأزهر الشريف الدكتور محمد الضويني أكد أن “مدرسة التلاوة المصرية” تأتي تأكيدًا على دور الأزهر الشريف في تعزيز الثقافة القرآنية، مشددًا على أهميتها في تكوين جيل من القراء المتقنين الذين يحملون رسالة التلاوة الصحيحة ويعززون الهوية الثقافية المصرية.
مدير عام الجامع الأزهر الشريف الدكتور هاني عودة قال: إن تدشين “مدرسة التلاوة المصرية” يُعد بادرة مميزة تُضاف إلى مسيرة الأزهر الشريف في نشر الثقافة الإسلامية وتعليم القرآن الكريم، متوقعًا أن يُسهم هذا المشروع في إعداد جيل جديد من القراء المميزين الذين يستطيعون نقل أثر التلاوة القرآنية إلى الأجيال المقبلة، مما يعزز من القيم الروحية والدينية في المجتمع المصري.
وللتذكرة..فإن مشروع مدرسة التلاوة المصرية هو أحد أهم إنجازات مركز إعداد وتطوير معلمي القرآن الكريم والتجويد والقراءات، وقد تم إنشاؤه بغرض تعليم فنون الأداء الجيد، والتدريب على مهاراته، وتخريج قراء مهرة يجمعون بين الكفاءة العلمية والأداء العملي.
وفي الملف الثاني..أعلنت وزارة الثقافة عن إطلاق مسابقة “أصوات من نور”؛ لاكتشاف الموهوبين في مجال الإنشاد الديني.
وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو صرَّح بأن المسابقة تأتي في إطار حرص الوزارة على دعم ورعاية المواهب في مجال الإنشاد الديني؛ باعتباره أحد الفنون الأصيلة التي برزت فيها أسماء مضيئة ، مثل: الشيخ طه الفشني، والشيخ نصر الدين طوبار، والشيخ سيد النقشبندي، متطلعًا إلى اكتشاف الأصوات المتميزة التي تكون امتدادًا لتلك القامات، وإتاحة الفرصة لهم للوصول إلى الجمهور المحب لهذا الفن، مع التأكيد على تبني الوزارة للفائزين والمتميزين عبر تقديمهم في الفعاليات الفنية والثقافية المختلفة.
هذه الانتفاضة من الأزهر الشريف ووزارة الثقافة –وإن جاءت متأخرة كثيرًا- فإنها تعتبر خطوة جيدة على الطريق السليم، لتصحيح أخطاء تراكمت، وعوار تفاقم، في مجالين كانت مصر صاحبة الريادة والسطوة فيهما حينًا طويلاً من الدهر قبل أن يَلِغ فيه الأصاغر والمرتزقة، كما سوف تُسهم في إفاقة الذائقة المصرية بعد سنوات من الغيبوية والتيه والضياع.