مقالات الرأى

حازم البهواشي يكتب: “اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّك” (2)

0:00

حين يأمُرُك ربُّك بأمرٍ فلا بد أن تستجيب، وفي أول آيات القرآن نزولًا، أمرنا بـ (القراءة): “اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ” (العَلَق _ 1)، وتحدثنا في المقال السابق لماذا تكون القراءة (باسم ربك)؟ ما المغزى من ذلك؟ ولكن، ما الذي يُبرر ضرورةَ الاستجابةِ لأمر الله؟! لأنه “الَّذِي خَلَقَ”، ولما كان سبحانه هو الخالق، فهو الذي يعرفك تمام المعرفة، وبالتالي حين يضع لك دستورًا ومنهاجًا، فإنما يفعل ذلك عن عِلْمٍ وحِكمة، فهل يُعقلُ أن تَتركَ منهجَ الخالق العليم الحكيم وتَتَّبِعَ منهجَ مخلوقٍ قاصرِ العِلم؟! هل يُعقل أن تتركَ الكاملَ وتتجهَ إلى الناقص؟! وعلى هذا فمن أراد الفلاحَ فليتجه إلى دستور الخالق ومنهجه لا منهج غيرِه.
المسلم الصادق ينهل من المنابع الإلهية لا من غيرها فيما نزل به الوحي، لتستمر القراءة “بِاسْمِ رَبِّكَ” أي تستمر الحياة كلها على منهج الله فتستقيم.

وأول المنابع الإلهية القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة “… وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ … ” ( الحشر _ 7 ). يقول الإمام الأكبر الدكتور/ “عبد الحليم محمود” ( 1910م _ 1978م ): ” وبدأ انحلالُ الأمة الإسلامية لأنها لم تعد تقرأ “باسم ربك”….. وإذا كان المسلمون قد بلغوا قمةَ مجدهم حينما كانوا يقرؤون “باسم ربك” وحدَه، فإنهم قد بَلغوا قمةَ ضعفِهم حينما بلغتْ “باسم ربك” حدَّها الأدنى أي حينما تخلَّوا _ أو كادوا _ عن أن يتخذوا من منابع دينهم الصافية موجهًا وقائدًا. ولن يَصْلُحَ آخرُ هذه الأمة إلا بما صَلَحَ به أولُها، أي العودة إلى: “اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ”.”.

القرآن “… يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ ” ( الأحقاف _ 30 ). يقول الشيخ “محمد الغزالي” (1917م _ 1996م): ” ألستَ ترى اللصوصَ إذا أرادوا سرقةَ بيتٍ اجتهدوا في تحطيمِ مصابيحِه أو قطعِ تيارِ النورِ عنها، حتى إذا عَمَّ الظلامُ وسَرَتِ الفَوضى اشتغلوا بالسلب والنهب وهم آمنون؟! إن ذلك ما فعله الغربُ وهو يَمُدُّ يدَه الآثمةَ لسرقةِ العالَمِ الإسلامي كلِّه، لقد ركز هجومَه على القرآنِ نفسِه، حتى إذا أقام حِجابًا كثيفًا بين الأمةِ المصابةِ وبين قرآنِها خَلا له الجوُّ ففعلَ ما يَشاء “.

زر الذهاب إلى الأعلى