مايسة السلكاوى تكتب :(قامات مصرية) أحمد باشا عبد الوهاب -12

أحمد باشا عبد الوهاب إقتصادى مصرى شاب ، له بصماته الواضحة والمؤثرة فى الإقتصاد المصرى ، فقد وضع الحلول لأهم وأصعب المشكلات التى واجهت مصر خلال الأزمة الإقتصادية العالمية إبان الحرب العالمية الأولى وما ترتب عنها من غلاء شديد تأثرت به مصر بسبب الوضع المتدنى للقطن المصرى فى وقت كان القطن السلعة الإستراجية لمصر . تبني سياسة تخفيف الأعباء الضريبية عن الفلاحين البسطاء وأصحاب الدخول المحدودة ، واستجابت كثير من الشركات والبنوك لمناشدته لهم من أجل توظيف الشباب المصرى المتعلم الذى يعانى البطالة ، كما تحسب له مجهوداته الكبيرة لتخزين الذهب فى خزائن البنك الأهلى وخزائن وزارة المالية لتثبيت النقد بصفة نهائية .
ولد أحمد عبد الوهاب عام 1894م بمدينة أبنوب بمحافظة أسيوط التى تلقى بها تعليمه الأولى ، وحصل على البكالوريا من المدرسة السعيدية ثم التحق بمدرسة المعلمين الخديوية 1912م ، أرسلته وزارة المعارف ضمن بعثة تعليمية إلى إنجلترا لدراسة العلوم التجارية والإقتصادية ، واستطاع أن يحصل على دبلوم العلوم التجارية والمالية والإقتصادية فى سنة ونصف بدلا من ثلاث سنوات من جامعة “ليدز البريطانية” والتحق للعمل بأحد البيوت المالية فى إنجلترا .
عندما عاد إلى مصر 1915م عمل مدرسا بمدرسة التجارة العليا ثم مفتشا للتعليم التجارى بوزارة المعارف ثم مديرا للحسابات بها وأخيرا سكرتيرا ماليا للوزارة .
انتقل عبد الوهاب للعمل بوزارة المالية 1923م حيث تدرج فى السلم الوظيفى إلى أن أصبح وزيرا للمالية ، فكان وكيلا لمراقب عام الأدارة والتوريدات ثم صدر مرسوم ملكى 1927م بتعيينه وكيلا لوزارة المالية حتى 1933م ثم وزيرا للمالية حتى 1936م ، وكانت وفاته عام 1938م صادمة للجميع سواء فى الأوساط المالية أو الإقتصادية أو السياسية أو للمواطن البسيط فى الشارع .
فى عام 1930م قرر إسماعيل صدقى باشا رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية وضع سياسة ثابتة ودائمة للقطن تلتزم بها جميع الحكومات مستقبلا فكلف أحمد عبد الوهاب بك وكيل وزارة المالية فى ذلك الوقت بتلك المهمة وهى مهمة شائكة ومعقدة ولكنه نجح فى إعداد تقرير متكامل لسياسة قطنية دائمة لمصر ، كان هذا التقرير بمثابة وثيقة تاريخية جديرة بأن تدرس ، فقد اعتمد التقرير على ثلاثة محاور رئيسية مالية وزراعية واقتصادية . خلال تلك الفترة برز دورة فى إنعاش سوق القطن المصرى بعد حالة الارتباك والتدهور التى لحقته بعد الحرب العالمية ، فكان أحمد عبد الوهاب خير سفير لدولة القطن المصرى ، فدافع عنه أمام منافسيه من أنواع القطن المختلفة حتى أطلق عليه ” وزير القطن ” .
قاد أحمد عبد الوهاب بك حملة الدعاية لتنشيط صادرات القطن بصفته وكيلا لوزارة المالية ورئيسا للجنة القطن الدولية المصرية وعضوا فى لجنة القطن الدولية الدائمة وممثلا لمصر فى مؤتمر القطن الدولى ، وذلك ما يؤكد مدى أهمية القطن كسلعة استراجية عالمية خلال تلك لفترة .
على الرغم من الفترة القصيرة من حياته العملية ، إلا أنه حقق الكثير من الإنجازات فى المجال الإقتصادى خاصة بالنسبة لسياسة القطن المصرى ، فكان مندوبا عن مصر لدى عصبة الأمم فى الضرائب ، كما كان رئيسا للجنة التى شكلها المجلس الإقتصادى الأعلى فى مصر لوضع النظام الأساسى لبنك التسليف الزراعى الذى كان من أهم البنوك فى تلك الفترة وذلك فى عام 1931م .
من أهم الإنجازات التى حققها كوزير مالية ، نجاحة فى تسوية الديون العقارية التى كانت تهدد الثروة الزراعية فى مصر وأدت إلى نزع ملكيات آلاف المزارعين لعدم سداد ما عليهم من ديون وسلفيات للبنوك مثل البنك العقارى المصرى وشركات الرهن العقارى وبنك الأراضى المصرى ، حيث تم عقد اتفاق نهائى مع هذه البنوك على أساس تخفيض الفوائد عن المزارعين والفلاحين ومد أجل السلف لهم ، كما تم التفاق مع شركة القناة لإلغاء ضريبة القطن ، مما ترتب على الإلغاء العديد من النتائج منها تخفيض ضريبة السيارات . وذلك بخلاف مجهوداته الكبيرة لتخزين الذهب فى خزائن البنك الأهلى وخزائن وزارة المالية لتثبيت النقد بصفة نهائية .
حظيت مناشدته للشركات والبنوك لتوظيف الشباب المصرى المتعلم الذى يعانى البطالة بترحاب واستجابة من بعضها بإحلال ذوى الكفاءة منهم محل الأجانب . ولمواجهة الغلاء أكد على ضرورة التوسع فى إنشاء مطاعم للفقراء لتبيع بأسعار رخيصة تجبر التجار على خفض أسعارهم .
سارع العديد من الشركات والبنوك الكبرى للإستفادة من خبراته العظيمة فى الإقتصاد والمالية بضمة لرياسة مجلس إدارتها أو لعضويته ، ومنها شركة مصر لعموم التأمينات وبنك مصر والبنك الأهلى وشركة الملح وشركة السكر وشركة الأمنييوس وغيرها من الشركات ، كما أختير بالتزكية عضوا فى مجلس النواب عام 1937م عن دائرة تكلا العنب بحيرة .
الف كتابين فى التجارة هما “الطرق التجارية ” و”إمساك الدفاتر” وكانا أول الكتب التى تصدر باللغة العربية فى العلوم التجارية .
بعد حصولة على البكوية من الدرجة الأولى 1925م حصل على الباشوية 1930م ، كرمته المملكة المصرية بمنحه الوشاح الأكبر من نيشان النيل 1936م . كما حظى بتكريم أوروبى وعالمى فحصل على العديد من النياشين من فرنسا وإيطاليا والمجر وبلجيكا .