راندا الهادي تكتب : أنا وباكو السكر
التغليف هو جزء حيوي من عملية التسويق لأي منتج ، و في كثير من الحالات هو “الإعلان” الأخير الذي سيراه المستهلك على رفوف المتاجر قبل أن يقرر ماذا يشتري ؟ . التغليف الجيد للمنتج يجذب الانتباه بطريقة إيجابية ويغري المستهلكين على شرائه ، والتغليف الرديء للمنتج بمثابة رصاصة الرحمة التي تضع خاتمة للمستهلك مع هذا المنتج حتى ولو كان متميزًا .
هذا التعريف العلمي لأهمية التغليف وتأثيره على مبيعات المنتج في الأسواق ، لكن على أرض الواقع دعوني أمرر لكم تجربتي مع التغليف ، ما رأيكم أن آخذكم في رحلة إلى الوراء؟ إلى قصة قصيرة حزينة كلنا يعلمها وهي قصة بسكويت نواعم الذي كان أحد منتجات شركة الشمعدان ، أكاد أجزم أنه من النادر ، بل من المستحيل أن يكون أحد مواليد جيل السبعينيات أو الثمانينيات قد حصل على عبوة سليمة بدون وحدات مكسورة من هذا البسكويت اللذيذ ، رغم أن الماركات المنافسة له كانت حريصة على وضع منتجاتها من بسكويت الزبدة في حاويات بلاستيكية متينة تحافظ عليه من التهشم، وهل نستطيع أن ننسى المعاناة ونحن صغار مع فتح أكياس السناك المختلفة والتي استمرت معنا ونحن كبار في فتح أكياس المكرونة والبقوليات وعلب حفظ الألبان .
الاهتمام بحالة المنتج و شكله بين يدي المستهلك ليس رفاهية على الإطلاق مهما بلغت جودة المنتج ، فالبديل الأقل جودة مع تغليف راقي وسهل الاستخدام سيسيطر على السوق إن عاجلًا أو آجلًا ، ولعل هذا ما لاحظناه خلال التحرك الأخيرلمقاطعة كل منتج داعم للكيان الصهيوني ، حيث تقبلنا انخفاض مستوى جودة المنتج المحلي ، رغم الأرباح التي جناها بعضهم من وراء هذه المقاطعة ، لكن المستفذ لي حتى الآن تجاهل الاهتمام بتغليف المنتجات بشكل يُسَهِّل عملية فتحها وتخزينها ، هل تمسكني من يدي الموجوعة أيها التاجر ؟!! لا والله ما أسرع التنازل عن منتجك خاصة في ظل تنافسية الأسعار .
فأنا لست مجبرة على المعاناة لفتح علبة الشاي وبالنهاية أخسر ربعها هدرًا على الأرض ، ولست مضطرة كذلك على هذا النوع من اللبن الذي يتناثر نصفه من العبوة كل مرة قررت فيها استخدامه ، أخبرنا أستاذنا الدكتور سامي عبد العزيز أستاذ العلاقات العامة والإعلان ذات مرة بإحدى المحاضرات أن العلاقة بين المنتج والمستهلك علاقة احترام ومصداقية تتجلى في أبهى صورها عندما يصنع صاحب المنتج إعلانًا فقط لإعلامك بجديده من تحديثات ومنتجات وليس لإقناعك بالشراء وهذا ما وصلت له أسماء عريقة مثل مرسيدس وآبل وغيرهما .
ويبقى أن أقول لكم أن ما استفزني لكتابة هذا المقال معاناتي مع فتح عبوات المنتجات المحلية وصلاحية العبوات بعد الفتح لحفظ ما تحتويه ، خاصة عندما استغرقت ما يقارب الخمس دقائق في فتح باكو سكر دايت حتى فَترت سخونةُ المشروب الذي كنت اتمنى تناوله ساخنًا في هذا الجو الشتوي