د.أمانى فاروق تكتب : “شائعات النيل” .. بين الحقيقة والوهم
في زمن أصبحت فيه الشائعات تنتشر كالنار في الهشيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، باتت الدول تواجه تحدياً كبيراً في الحفاظ على استقرار مجتمعاتها، خاصة عندما تمس تلك الشائعات قضايا حيوية مثل المياه والأمن القومي.
واحدة من أبرز هذه الشائعات التي هزت المجتمع المصري مؤخراً كانت تلك المتعلقة بتلوث مياه النيل في أسوان ، ومع انتشارها، بدأ المواطنون يتساءلون عن حقيقة الأمر وعن مصداقية ما يسمعونه ويرونه على وسائل الإعلام.
لكن، الحكومة المصرية لم تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الشائعة الخطيرة، بل سارعت إلى التصدي لها من خلال أدواتها الفعالة، وعلى رأسها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لرئاسة مجلس الوزراء ، هذا المركز يلعب دوراً حيوياً في نفي الشائعات بشكل سريع ومنظم، معتمداً على الرقمنة والتقنيات الحديثة لنشر المعلومات الصحيحة والحقائق المدعومة بالتقارير العلمية الموثوقة ، والحق يقال فإن هذه السرعة في التواصل والشفافية التي تتبعها الحكومة تعد خطوة هامة في تعزيز الثقة بين المواطن والدولة.
ومن هنا، لا تقتصر خطورة الشائعات على محتواها فقط، بل أيضاً على استغلالها للفراغ المعلوماتي الذي قد ينتشر في بعض الأوقات. وهذا ما دفع الحكومة المصرية إلى إدراك أهمية ملء هذا الفراغ بسرعة من خلال تقديم معلومات صحيحة وبثها بشكل مباشر وسريع، مما يحد من انتشار الأخبار الزائفة. ولعل واحدة من أبرز الأدوات التي استخدمتها الحكومة المصرية في هذا الصدد هي منصات التواصل الرسمية، حيث يتم الرد فوراً على أي معلومة غير صحيحة، بالإضافة إلى حملات التوعية التي تهدف إلى زيادة الوعي المجتمعي حول أهمية التحقق من مصادر المعلومات.
وفيما يتعلق بشائعة تلوث مياه النيل في أسوان، لم تكتفِ الحكومة بنفي الإشاعة فقط، بل قدمت تقارير علمية مفصلة، وأجرت اختبارات دقيقة تؤكد سلامة المياه. هذا النهج يؤكد أن الدولة ليس لها مصلحة في إخفاء أي حقائق تتعلق بصحة المواطنين أو أمنهم القومي، بل تعمل الحكومة المصرية جاهدةً على تعزيز التواصل المباشر مع الجمهور من خلال مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار وغيره من الأدوات الحديثة التي توفر دقة وشفافية في تقديم المعلومات.
وبينما تقوم الحكومة بدورها الحيوي في مواجهة الشائعات، يبقى المواطن شريكاً أساسياً في هذه المعركة. في هذا السياق، تبرز أهمية مهارة التفكير الناقد، التي أصبحت ضرورة ملحة في زمن تتدفق فيه المعلومات بشكل مستمر من مختلف المصادر. يجب أن يكون المواطن قادراً على التفريق بين الحقيقة والشائعة من خلال التحقق من صحة الأخبار قبل قبولها أو نشرها. التفكير الناقد يساعد الفرد على تحليل المعلومات بشكل منطقي، وطرح الأسئلة الصحيحة حول مصدر المعلومة ومدى مصداقيتها. إلى جانب ذلك، يلعب التعليم والإعلام دوراً كبيراً في تعزيز ثقافة التحقق من الأخبار والمعلومات، مما يساهم في بناء مجتمع واعٍ لا يقع بسهولة في فخ الشائعات.
وفي ظل هذه التحديات، أثبتت الحكومة المصرية قدرتها على الاستجابة السريعة والتصدي لأي أزمة معلوماتية بفعالية ، هذا بالطبع يعكس الرؤية المستقبلية للدولة في عصر الرقمنة، حيث أصبحت الحكومة أكثر قدرة على مراقبة ما يتم تداوله في الفضاء الرقمي، وتقديم المعلومات الصحيحة في الوقت المناسب. إن هذه الخطوات ليست فقط ضرورية للحفاظ على الأمن القومي المصري، بل تشكل أيضاً نموذجاً يمكن أن يُحتذى به على المستوى العربي.
وفى تقديرى الشخصى فإن الدور الذي تلعبه الحكومة المصرية في التصدي للشائعات الرقمية يظهر وبكل تأكيد كأحد أهم عناصر حماية المجتمع من مخاطر المعلومات الخاطئة. ومن خلال تعزيز الشفافية وسرعة الرد، تعمل الدولة على بناء جسر من الثقة بينها وبين مواطنيها، جاعلةً من الرقمنة أداة فاعلة في تعزيز الأمن القومي، ليس فقط لمصر، بل للمنطقة بأكملها.
———
مدير مركز التدريب والتطوير بمدينة الانتاج الإعلامى