مقالات الرأى
راندا الهادي تكتب: ياغي ..المتنازع عليه

0:00
بعد إعلان الأكاديمية السويدية فوز العالم العربي عمر ياغي بجائزة نوبل في الكيمياء ، بدأ التنازع على جنسية العالم العربي ، هل هو أردني أم سعودي أم فلسطيني أم أمريكي ؟!! ، ولما لا وهو يحمل الجنسيات السابقة جميعها إما بالولادة أو بأوراق ثبوتية رسمية ، لكن تظل أحدثها الجنسية السعودية التي مُنحت له عام ٢٠٢١ تكريمًا لجهوده في مجال الكيمياء . وفي هذه المساحة لن أتحدث عن عمر ياغي عبقري الكيمياء ومسيرته العلمية المذهلة عبر سنوات عمره الحادية والستين ، بل سأقف معكم في محطة أو محطتين من حياته عند دروس يجب علينا وعلى أبنائنا إدراكها مبكرًا ، لأهميتها في الحياة . لنبدأ، ولد عمر ياغي في التاسع من فبراير عام ١٩٦٥ في قرية فلسطينية تسمى ( المسمية) تقع في قضاء غزة ، حيث قامت العصابات الصه- يونية بتهجيره مع أسرته بعد حرب النكبة عام ١٩٤٨ . نشأته في بيئة الأردن الجافة جعلته يدرك أهمية المياه في حياة البشر ، حيث يقول ياغي :”أدركت مبكرًا قيمة المياه ، فعندما كنت صغيرًا كنت مسئولاً عن ملأ خزانات المياه في منزلي مع الالتزام بلوائح المياه المعمول بها في منطقتنا”. هنا يجب التوقف قليلا عند هذه المحطة بحياته ، لندرك حقيقةً في غاية الأهمية ، وهي أن الحياة السهلة الناعمة قلما تنتج علماء ومخترعين ، فالحاجة أم الاختراع كما تعلمنا ، فلا تتوقع النجاحات بحياتك دونما العثرات والمحن ، فالأخيرة هي السُلم الذي تصعد عليه لتنال الأولى . في بداياته المبكرة تلقى عمر ياغي تعليمه الابتدائي والإعدادي في المملكة الأردنية الهاشمية ، ثم شجعه والده للسفر إلى الخارج لاستكمال مسيرته التعليمية . محطة أخرى! ، الياغي كان الطفل السادس بين عشرة أطفال ، أي يشكل عبأً هو وأخوته على والديه ، من البديهي استغلاله كمصدر دخل لأسرته فهو شاب ذكي نابه ، سيجد بسهولة العديد من فرص العمل ، لكن تبرز هنا عقلية الوالد المدرك لقدرات ابنه وحتمية تنمية هذه القدرات وتغذيتها في فضاءات أرحب ، تقدر العلم والعلماء ، لذا دور الوالدين مؤثر في حياة الأبناء فليست الحرية التامة في اختيار طريقهم أسلوبًا ناجعاً في المطلق ، بسبب نقص خبرتهم وتجاربهم الحياتية ، وليس بالحل السوي فرض رغباتك عليهم ، إنما المشورة والتوجيه لما فيه الصالح هي التربية السليمة . ومن سليم الرأي أن نقرأ ونحث أولادنا على القراءة عن هذا العالم العربي ، للوقوف عند العديد من المحطات المهمة في حياته التي وهبها للعلم ، فوهبه العلم في المقابل أرقى المراتب والأوسمة ، بل وهبه المولى عز وچل ما لا يقدر بثمن ألا وهو خدمة البشرية ، والصلاة والسلام على حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم القائل : وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر. رواه الترمذي، فطوبى لك يا عمر ياغي بالحظ الوافر .