مقالات الرأى

حازم البهواشي يكتب: بلطجة شقة ٩ !!

0:00

في أحد عقارات القاهرة يقطن المواطن (سمير جاز) الذي اشتُهر بهذا الاسم لأن والده كان يبيع (جاز)، ويسكن في بدروم بيتٍ مُتهدِّم _ وهذا لا يَعيبه بالطبع _. أنعمَ اللهُ عليه بطولٍ ممدود، وقوامٍ ممشوق، وبِنيةٍ قوية، وليس في طُول قامتِه إلا طولُ لسانِه!! ربما تعوَّدَ ذلك بسبب تربيةٍ كان للشارع النصيبُ الأكبرُ منها، ثم إنه بعد رسوبِه في الإعدادية التحق بإحدى مؤسساتِ العمل التي تجعله _ بعد سنوات _ يتحكمُ في بعضِ الشباب ويُمارس عليهم عُقَدَه النفسية ويستمرئ العَيْشَ على (الخطيفة) كما نقول!!

تلك مقدمةٌ كان لا بد منها لتعلمَ تاريخَ السيد (سمير جاز) القاطن في شقة (٩) من العقار بالدور الأرضي، والذي بعدما أُحِيلَ إلى التقاعد تفرَّغ للذهاب إلى المسجد للصلاة؛ عله يُكفر بعضَ ما اقترفه في حق العباد، إبَّان كونِه على رأس العمل، جاهلًا أو مُتناسيًا أن الله لا يُسامح في حقوق العباد!! وقد أنعم اللهُ عليه أيضًا بـ (علامة صلاة) في جبهته، لكنَّ لسانَه الطويل لم يَتقاعد معه، فكان لا يتوقف عن سَبِّ الدين للجيران مع كل مشاجرة!! وكان يتلذذ بأذى الجيران مُعتمدًا على أنه (ابن الحتة)، ومعارفه فيها أكثر من غيره، وللأسف لا يَرُدُّونَه عن ظُلمِه بل يقفون إلى جواره ضِدَّ مَن يَعتبرونه غريبًا، لذا يتحاشى الجميعُ التعاملَ معه حتى لا يُصيبَهم أذاه!!

حين سكن المذكور العقَار _ وكان من أوائل سُكانه _ قام بعملية نصب على أحد جيرانه، مُدعيًا أنه قام بعمل بعض الأشياء ونصيبُ هذا الجار منها مبلغ معين، اتضح فيما بعد أنه لم يقم بعمل أي شيء!! ولكن الجار اشترى نفسَه وتفاوض معه على تقسيط المبلغ فوافق على الفور!! (طبعًا، ما اللي جاي كله مكسب، هو كان دفع حاجة أصلًا، واهي شهرية تُذَكِّرُه بالذي مضى من أيام الخطيفة التي كان يعتبرها أيام نعمة)!!

السيد (جاز) كان يُماطل أيضًا في دفع مبالغ صيانة العقَار وخدماته، ولا يستطيع أفرادُ اتحاد الشاغلين مطالبتَه، وكلما تجرأ أحدٌ وطالبه، يكون نصيبُه من السَّبِّ واللعن ما لا يطيقه محترم!! السيد (جاز) استغل فسادَ المحليات _ الذي لم ولن ينتهي _ فقام بالاستيلاء على أحد مناور العمارة والذي بسبب الفساد كان مدخلُه من شقته مع شقتين أُخريين (ولا ذنب له في كون المدخل من شقته، لكنَّ الذنبَ ذنبُ الفاسد الذي استلم العقَار على هذا الوضع)، فإذا كان هناك صاحبُ حَظٍّ عَثِر وَقعتْ له ملابس في هذا المنور مثلًا، فإنه من الأفضل له أن ينساها، أو أن يدخلَ في جولةِ مفاوضات يتلذذ فيها السيد (جاز) بدور صاحب الأمر والنهي والتفكير الذي لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفه، مع إيفاد مبعوثٍ رسمي للتفاوض، حتى يحصل على ما له، بعدما يشعر السيد بذاته التي فقدها مع إحالته للتقاعد!! ويا ليته يحافظ على نظافة المنور، بل إنه من حين لآخر يُتحِف السكان بوجبات من القاذورات التي تَجمع الحشرات فيضعها في المنور، ولا تُرفع إلا بعد المُحايلات!

السيد (جاز) نموذج صارخ لقصور قانون اتحاد الشاغلين الذي يُلزِمُ العماراتِ السكنية التي لا يقل عددُ وَحَداتِها عن خمس وحدات بضرورة وجود اتحادٍ لها، لكن ماذا يَفعل الاتحاد مع أمثال السيد؟! هل يترك أفرادُ الاتحاد أعمالَهم الأصلية ويتفرغون لمقاضاته؟! إن القانون لا بد أن يتضمنَ تعديلاتٍ تُخَوِّلُ لاتحاد الشاغلين التعاملَ مباشرةً مع شركات الخدمات لقطع بعض الخدمات المُشترَكَة كالمياه _ حال كون الجميع يشتركون فيها _ إذا لم يقم المقيم بالعقار بدفع التزاماته الشهرية لمدة ثلاثة أشهر على سبيل المثال، فإذا أراد أن يَستقِلَّ بالخِدمة فلا تتم الموافقةُ له إلا بعد موافقة اتحاد الشاغلين للتأكد من أنه ليس عليه مديونيات، كذلك لا بد أن يوافقَ الاتحاد على مسار الخِدمة حفاظًا على الشكل العام للعقار، حتى لا يقوم كل (من هبّ ودبّ) بعمل ما يريد بدعوى أن ذلك حقٌّ له، ولا يستطيع أحدٌ إيقافه!! كثيرةٌ هي البنود التي يجب أن تكونَ موجودةً في قانون اتحاد الشاغلين للمحافظة على العقارات والمحافظة على الناس المحترمة من أمثال السيد (جاز) الذين يتبجحون ويسبون، فيبتعد معظمُ الناس عنهم خوفًا ونأيًا بالنفس عن الأذى، أو كسوفًا إذا كانوا من معارفهم!! وعلى رأي المثل: (القبيحة سِت جيرانها) و (يعيش البِجِح على قفا المكسوف)!!

زر الذهاب إلى الأعلى