مقالات الرأى

راندا الهادي تكتب: الخاسرُ مَن يتألمُ أولًا

هذه اللعبةُ التي اتخذتْ أسماء عديدة من منطقة لأخرى، والتي كنا نلعبها صغارًا، حيث كل واحد منا يُمسك بيد الآخر ويضغط عليها ومن يتألم أولًا صارخًا بكلمة (انسحبت) يكون هو الخاسر. ورغم قساوة هذه اللعبة، إلا أن نتائجها دومًا كانت تبهرنا ونحن صغار، لعل ذلك يرجع إلى أن القدرة على تحمل الألم ليس لها أيُّ علاقة بالقوة البدنية بقدر ارتباطها بالقدرة على التحمل وانتهاج سياسة النفَس الطويل.

سواء كنتم لعبتُم هذه اللعبة في طفولتكم أم لا، ألا تتفقون معي أن هذه اللعبة تنطوي على ماهية الحياة التي نعيشها؟ فمن يستطيع التحملَ وصاحبُ النفس الطويل، ومن يمتلك آليات تخطي مختلفِ الأزمات التي تُخبئها له هذه الحياة هو الفائز، وهذا ما جعل البعضَ يُسميها لعبةَ الحياة.

واللافت للنظر – إن لم تلاحظ – أن كل الصراعات السياسية والنزاعاتِ المسلحة تعتمد لعبةَ الحياة – الخاسر من يتألمُ أولًا – فلم تعد القوةُ وحدَها ترجح ميزانَ النصر لكِفة من يمتلكها، وهذا ما يتجلى في هزيمة الدولة الصهيونية بعتادها وعُدتها فائقة التطور والدعم اللامتناهي من حلفائها خاصة واشنطن على جدار الصمود الفلسطيني، هذا الصمود الذي جاء من جماعة وليس دولة، مازالت تدافع عن حق شعبها في الحياة وتسعى لرد حقوق الفلسطينيين المشروعة والمنهوبة مع أرضهم من العصابات الصهيونية، كما نراها في التوتر الذي أثارته جماعةُ الحوثيين ومِن ورائها إيران في البحر الأحمر، للضغط على القوى العظمى الداعمةِ لإسرائيل وفي مقدمتها أميركا، وكذلك في الصراع السوداني السوداني، رغم أن قوات الدعم السريع – وَفقًا لآراء المراقبين – هي الأقرب للصراخ من الألم وبالتالي الخسارة، وبالنهاية في تعامل الدب الروسي مع أوكرانيا أو بالأحرى أوروبا وأمريكا في سعيها لإعادة تشكيل موازين القوى العالمية.

لعبةُ الحياة لعبةٌ قاسية، يلعب فيها خَصمك على إيلامك بكل ما أوتي من قوة، لكنَّ إيمانَك بأن النصرَ قريبٌ مهما كانت التكلفة، هو ما يُعينك على تحمل الألم، أعانكِ اللهُ فلسطينُ، قلوبُنا معكِ وإن لم تمتد الأيادي.

زر الذهاب إلى الأعلى