محمود سامح همام يكتب: مؤتمر الأطراف “COP28” ذو مخرجات استثنائية

عُقد في دبي عاصمة دولة الأمارات العربية المتحدة مؤتمر الأطراف “COP28” لعام 2023 ، كمنصة حيوية للتفاوض واعتماد الاتفاقات الرامية لمكافحة التغير المناخي والتكيف مع تأثيراته، وعُقد المؤتمر في الفترة مبين 30 نوفمبر حتى 12 ديسمبر 2023، واستضاف نحو قاعدة ضخمة من المشاركين تضم 70 ألف من قادة العالم وممثلين عن القطاعين العام والخاص، وفي ظل التحديات المتزايدة التي يواجهها العالم بسبب التغيرات المناخيةً، وبذلك يهدف المؤتمر بشكل رئيسي إلى التحول الطاقي وتقليل الإنبعاثات بشكل ملموس قبل عام 2030، وشهد المؤتمر لهذا العام تحقيق إنجازات غير مسبوقة تمركزت حول تمويلات مناخية ضخمة من شأنها خلق مستقبل أمن للمناخ العالمي.
سلسلة استثنائية من الإنجازات لمؤتمر “COP28”
في حقيقة الأمر كان هناك بعض من علامات الاستفهام بعد انعقاد مؤتمر COP27 التي تتمحور حول ( من يمول هذا الصندوق ؟ وكيف يمول هذا الصندوق وما القنوات الخاصة بتقديم التمويل؟) ، وكان لمؤتمر COP28 الأجابة على تلك الأسئلة حيث ساهمت في ملء الخانة الناقصة للتنفيذ الفعلي لصندوق الخسائر والأضرار كما انه بمثابة خطوة مكملة للعديد من النسخ السابقة للمؤتمر ، حيث قام المؤتمر بالعديد من التعهدات تتمثل في الأتي :
• كان أبرزها توحيد جهود كافة الأطراف المعنية لتدشين حقبة غير مسبوقة من العمل المناخي، جاء على رأسها جذب التمويلات لدعم جهود التكيف وسد حاجة صندوق الخسائر والأضرار.
• وانفردت النسخة ال 28 من المؤتمر حشد للمناخ أكثر من 83 مليار دولار كتمويلات مالية تجاه العمل المناخي في الأيام الخمسة الأولى، وهو انجاز قياسي جديد وذلك بالطبع سوف يؤمن نوعاً ما حالات التغير المناخي أياً كانت.
• وتم اعلان بدعم تاريخي حيث قامت رئاسة المؤتمر بتيسير التوصل إلى اتفاق تاريخي لتفعيل صندوق الخسائر والأضرار لتأثيرات المناخ، حيث تم بالفعل التعهد بمبلغ 726 مليون دولار.
• بالأضافة إلى الإعلان عن تمويل بقيمة 3.5 مليار دولار لتجديد أرصدة صندوق المناخ الأخضر (GCF تنفيذياً لما اُتفق عليه في كانكون بالمؤتمر ال 16 للأطراف.
• وعلى وجه الخصوص قامت الدولة المستضيفة للمؤتمر (الأمارات العربية المتحدة) بخطوات بتعهدات استثنائية حيث أنها تعهدت بتمويل قيمته 200 مليون دولار لمساعدة الدول الأكثر ضعفا من خلال حقوق السحب الخاصة، كما تعهدت بتقديم تمويل بقيمة 150 مليون دولار لتمويل حلول الأمان المائي. بالإضافة إلى إطلاقها صندوقاً لتحفيز التمويل المناخي (ALTÉRRA) بقيمة 30 مليار دولار، ويسعى الصندوق إلى حشد تمويل بقيمة 250 مليار دولار إضافية، وذلك كانت دفعة إيجابية لدعم المؤتمر مما يصنع لدبي مكانة راسخة بين الأمم وجعلها رائد للحد من التغير المناخي في العالم واستلامها راية القيادة من الأمم المتحدة كونها ذو قيادة وتأثير قوي.السيناريوهات المستقبلية للتمويل المناخي
• بدايةً، يمكننا التنبؤ ببداية نهاية العصر الأحفوري،وذلك لقرار مؤتمر الأطراف الصارم بشأن قرار التحول بعيداً عن ” الوقود الأحفوري ” حيث كانت هذه المرة الأولي التي يذكر هذا المصطلح منذ أكثر من ثلاثين عاماً على بداية مفاوضات الأمم المتحدة بشأن المناخ، وعلى الرغم من التحديات التي تواجه ذلك التحول التي تتمثل في موافقة واتباع الدول ذي المصالح المكرسة بشكل كبير على النفط والغاز، ولكن بضغوط الدول المفاوضيين للقرار توصلوا إلى اتفاق مع تلك الدول.
• واستكمالاً لبند ” الإنتقال من استخدام الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة، كما أنها تطالب بتسريع وتيرة خفض الانبعاثات الناجمة عن النقل البري، هذة السياسة يجب عليها الأخذ بالظروف الوطنية المختلفة في الاعتبار، فإن هناك دول ليس فمقدرتها توفير مالية عامة تمكنها من استبدال وسائل النقل بالوسائل المتنوعة التي اقترحها المؤتمر كالسيارات الكهربائية التي تحد من الانبعاثات الملوثة للمناخ وذو التأثير السلبي عليه.
• كما يمكننا تناول التعهد الذي قدمته 130 دولة في بداية مؤتمر الأطراف وهو الاتفاق على مضاعفة قدرة العالم في استخدام الطاقة المتجددة ثلاث مرات تاكيداً بصورة أكبر على أخر ست مؤتمرات للأطراف، كما ان الاتفاق نص على مضاعفة كفاءة استخدام الطاقة بحلول عام 2030، فعلى الرغم من أن الطاقة المتجددة هي خيار الطاقة الأرخص بالنسبة لمعظم الناس، ولكن بالنسبة للدول النامية في بداية مشروعها لمصادر الطاقة المتجددة فأنها تتطلب المزيد من الاستثمار مقارنة بالتقنيات الأخرى وتتأثر بأسعار الفائدة والسياسات غير المتسقة التي غالبا ما تجعل طاقة الرياح والطاقة الشمسية بعيدة عن متناول تلك الدول.
• ومن ثم فإن من ننائج مؤتمر الأطراف COP28 ،تم فيها تفعيل صندوق الخسائر والأضرار بشكل كامل، الذي تم تصميمه لمساعدة البلدان المعرضة للمخاطر المناخية على التعامل مع تأثيرات المناخ بعد ما تم تقديم تنازلات كبيرة من قِبل الدول النامية من اجل التوصل إلى إتفاق، إلا أن التنفيذ الفعلي للصندوق فرصته ضعيفة جداً، حيث أن ما قُدم من البلدان المشاركة في المؤتمر بما يقرب من 700 مليون دولار لملء الصندوق وعلى الرغم من هذا الدعم والترحيب غير المسبوق إلا أنها لا تمثل سوى قطرة من محيط ، حيث أن المبلغ المقترن للرقم المُقدم بمبلغ 580 مليار دولار لتعويض الأضرار الناجمة عن المناخ التي قد تواجهها البلدان الضعيفة بحلول 2030.
ختاماً، يمكننا التوصية بوجوب تشجيع التطوير والاعتماد على الابتكارات المالية لتعزيز التمويل المناخي لتعويض الثغرات التي وُجدت في مؤتمر الأطراف ال 28 وتحقيق المرام المنشود، يمكن أن تشمل هذه الابتكارات تقنيات مثل التمويل الجماعي والتمويل اللامركزي والتكنولوجيا المالية (فينتك). تساهم هذه الأدوات الجديدة في توسيع قاعدة المستثمرين وتيسير الوصول إلى التمويل المناخي.
• وكمساهمة لزيادة الطاقة المتجدد وجعلها طاغية وسائدة على الطاقة غير المتجددة فالعالم، فعلينا تشجيع الاستثمار الأخضر الاجتماعي.، كما ينبغي تعزيز الاستثمار في المشاريع التي تجمع بين الأبعاد البيئية والاجتماعية. يمكن أن يشمل ذلك استثمارات في مجالات مثل الزراعة المستدامة والتنمية الحضرية الذكية والتوسع في الوظائف الخضراء. يمكن أن تساهم هذه الاستثمارات في معالجة التحديات المناخية والاجتماعية في نفس الوقت.كما أنه من الآليات المقترحة لدعم التمويل المناخي،يمكننا تعزيز التمويل المناخي من خلال تطوير أدوات تمويل جديدة مثل السندات الخضراء والقروض المناخية والتأمين المناخي. يوفر توفر هذه الأدوات فرصًا للمستثمرين للاستثمار في المشاريع البيئية وتحويل المخاطر المناخية بطرق مبتكرة