محمود سامح همام يكتب:حرب الاستنزاف الثانية على الكيان الصهيوني
في مساء يوم الثلاثاء الماضي قامت إسرائيل بتوجيه ضربة جوية استهدفت مقراً لحركة حماس في ضاحية بيروت الجنوبية، ولقد أسفرت تلك الضربة عن اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحماس صالح العاروري والقائدين القساميين سمير أفندي وعزام الأقرع، و٤ أخرين من كوادر الحركة وابنائها ذلك وفقاً لما أعلنت عنه حماس وتلفزيون الأقصى، ذلك الهجوم يمكننا وصفه بالهجوم الجبان من قِبل الكيان الصهيوني، وهو بالأمر المعتاد بالنسبة للايدلوجية والفكر الصهيوني.
إستكمالاً، مع توسع جبهة المشاركين في حرب غزة، يمكننا أن نطرح سؤالاً يتمحور حول هل الكيان الصهيوني يفقد اتزانه ويعد في مرحلة لفقد السيطرة على زمام الأمور للجبهات المحاربة على أثر الاستنزاف المستمر؟
في البداية، يجب علينا أن نسلط الضوء على الجبهات الحدودية المعادية للكيان الصهيوني خارج فلسطين، فعلى الحدود السورية الأسرائيلية وتحديداً منطقة القنيطرة في الجولان المحتل في الشمالي الشرقي للجبهة الإسرائيلية، حيث يمكننا رؤية ثلاث فصائل تهدد الكيان الصهيوني منذ اليوم الأول من عملية طوفان الأقصى، فهناك فصائل المقاومة السورية لتحرير الجولان والتي تحارب بقوة بالوكالة عن إيران، ومن ثم وحدات خاصة لحزب الله التي تخوض معارك شرسة مع قوات الاحتلال، ومساء أمس قُتل خمسة عناصر من وحدات حزب الله أثر قصف إسرائيلي في القطاع الغربي للجنوب اللبناني، بالإضافة إلى لواء القدس وهو فصيل فلسطيني مسلح موالي للحكومة السورية والذي يقوم بعمليات هجومية متتالية على القوات الإسرائيلية المحتشدة على حدود الجولان المحتلة.
كما أن مدينة القنيطرة قد تكون معبراً مهماً لفصائل مقاتلة أخرى قادمة من العراق أيضا، بالإضافة إلى حزب الله في لبنان بقيادة نصر الله والذي يشكل جبهة مزعجة لتل أبيب في الفترة الراهنة، وذلك لما تشنه قوات الحزب من هجمات متتالية لمستوطنات إسرائيل على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، وأيضا يرجع السبب لكون لبنان مستضيفة في أورقتها قيادات مؤثرة لحركة حماس،
ذلك بالإضافة إلى مليشيا الحوثي في اليمن التي أعلنت في 10 نوفمبر 2023 إطلاق عدداً من الصوايخ الباليستية نحو جنوب إسرائيل على أهداف حساسة عسكرية في منطقة إيلات، ومن ثم تتوالي الهجمات الحوثية بطرق مباشر بالطائرات المسيرة على أراضي المستوطنات العبرية، أو بشن هجمات غير مباشرة تستهدف السفن الصهيونية او المتجه إليها.
وما ذُكر فيما سبق جاء كحروب تكميلية للحرب الغاشمة التي يقودها فصائل القسام ضد العدو، حيث أن كتائب القسام أثبت قدرتها وكفاءتها في الحرب العسكرية البرية في غزة مع قوات الاحتلال منذ طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر، فلقد أسقطت عشرات الآليات العسكرية ومئات الجنود الاسرائلية حتى وقتنا الراهن باستراتيجية قوية بالضرب من مسافة الصفر وذلك من خلال استخدامهم الأنفاق التي تمثل فارقاً جذريا في تلك الحرب لصالح فصائل المقاومة، بينما قوات دولة الاحتلال لم تحقق إنجاز سوى قصفها بالسلاح الجوي للأحياء المدنية العزلة دون إحراز أي تقدم على أرض الواقع بالقوات البرية والبحرية.
في النهاية، الكيان الصهيوني بدأ بالسقوط لحد ما وذلك ليس فقط لما تظهره لنا المواجهات العسكرية، بل وأيضا على المستوى الاقتصادي والسياسي والإعلامي إسرائيل تخسر معركتها وتخسر داعمينها، فعلى سبيل المثال إعلان وزير الخارجية البريطاني أن ما يحدث في غزة يعد إبادة جماعية ورفضه قطعاً عميلة تهجير المواطنين من غزة، وعلى سبيل التقدم العسكري للجانب الفلسطيني انسحاب جيش 8 ألوية من شمالي القطاع وأبقاء على 4 فقط، لكن هذه القوات تلقت أمرا بالتراجع على ما يبدو بعد المواجهات العنيفة التي خاضتها في الشجاعية والدرج والتفاح وفي عدة مناطق أخرى، تلك المناطق أستطاعت حماس في جر العدو لها وألحقت خسائر بها واجبرتهم على الانسحاب منها، بالإضافة إلى التناقضات في البيانات بين وزير الدفاع ووزير الأمن الإسرائيلي، ومؤشرات كساد وركود الاقتصاد الإسرائيلي بشكل واضح، كل تلك الخسائر لدولة الأحتلال من ضمن أهداف حرب الاستنزاف المُسيطر عليها من طهران كورقة ضغط على العدو لنصرة غزة وفصائل المقاومة الفلسطينية.