مقالات الرأى
مشيرة موسي تكتب “بأحب سريري وبيتي “

0:00
في قرارة نفسي كنت أعجب كثيرا من صرامة جدتي … لم أكن أصدق امكانية رفضها لالحاح أبي وأمي بأن تبقي في ضيافتنا بضعة أيام … اكيد بيتنا اكثر راحة … اكيد سنكون حولها معظم الوقت … اكيد ستكون طلباتها كلها مجابة …اكيد بيتها موحش بعد رحيل جدي … ترديدها وتكرارها لجملة ” مش باستريح غير في سريري وبيتي ” كانت تثير دهشتي … كبرنا … ورحلت جدتي … ولم انسي مطلقا جملتها الشهيرة ” مش باستريح غير في سريري وبيتي ” … ثم رحل أبي الغالي … وبتنا نطلب ونلح انا واخوتي ان تشرفنا امي بالزيارة بضعة ايام … وكأن هذا الرد يوزع مجانا علي كبار السن … جأنا نفس الرد … سبحان الله … لم يحن قلبها امام توسل احفادها … ” تعالوا انتم أسهل” … كان ردها الدائم … ماله سريرها وماله بيتها … لم اعثر علي إجابة وافية من امي الحبيبة … مرت سنوات كثيرة جدااااااااا …لاجدني اكرر هذه الجملة الغريبة … الحقيقة دهشت واستغربتني جدااااااااا … انا مش كده … انا بأحب الزيطة واللمة … بأحب اكون مع أولادي واحفادي … بأحب السفر والناس … لكن بأحب كمان في نهاية المطاف العودة إلي ” سريري وبيتي ” … الآن فقط …اكتشفت معني ” بأحب سريري وبيتي ” … شعور غريب … هل هذا الشعور له علاقة بالانتماء … ربما … زمان … كنت اسكن في حي مصر الجديدة … كنت حين اصل في طريق عودتي من العمل إلي شارع الخليفة المأمون … اجدني اردد ” رجعت بلدنا ” … كان الانتماء الأساسي لمصر طبعا … مفيش كلام … اما الانتماء الفرعي … فكان لمصر الجديدة … الآن أنا اسكن في منطقة الشيخ زايد … في طريق عودتي إليها … وما ان اصل إلي نهاية المحور … اجدني اردد دون قصد ” رجعت بلدنا ” … بيتي هو وطني الصغير … بنيته “طوبة طوبة ” كما يقال في الروايات … احس فيه بالأمان … فيه اقرأ كتبي … اسمع الموسيقي … اكتب … ارقص … اطهو عندما يحلو لي الطهي … اختبئ من الناس والصراعات والصوت العالي والأخبار المزعجة … اجلس في الكرسي الذي اخترته بعناية … احتسي القهوة … ويمر شريط الذكريات أمامي … فأبتسم او اضحك … أو ابكي … او اتألم … واجدني اردد دون تفكير ” بأحب سريري وبيتي ” … ربنا ما يحرم حد من سريره وبيته …