محمد محمود عيسى يكتب : لماذا يريدون إفشال مصر – 2
دعونا نتفق على أساس للحوار والنقاش في أزمة وأحداث غزة الأخيرة ومنه ننطلق إلى محاور ونقاشات أخرى، وهو أن أزمة غزة المقصود والهدف منها هو إحداث حالة من القلق والتوتر لدى القيادة المصرية وتشتيت الجهود على الحدود المصرية المختلفة مع خلق مناطق حدودية ملتهبة ونقل مناطق صراع القضايا التاريخي الطويل إلى داخل الأراضي المصرية ووضع مصر في حالة حرب دائمة ومستمرة مع إعطاء القدرة للعدو على التحكم في أليات وأساليب هذا الصراع وبالتالي يؤدي كل ذلك إلى تغيير شامل أو تعطيل خطط التنمية والتقدم والتطوير في مصر مع فرض واقع مصري وعربي وفلسطيني جديد على الجميع أن يستوعبه ويفهمه ويتعامل معه بموارد وسياسات وأدوات جديدة .
واقع جديد ومعادلات سياسية مربكة وهادمة لكل مشروعات التنمية ومخططات الجمهورية المصرية الجديدة. هذه الجمهورية الجديدة والتي ما إن ظهرت ملامحها وتبلورت أشكال مشروعاتها الاقتصادية والتنموية حتى أصبحت مصدرا للقلق والتوتر والإزعاج في محيطها العربي والخارجي وهو ما راقبته بدقة وعناية فائقة مراكز صناعة القرار في هذه الدول والتي كانت تدرك وتفهم وتراقب مسيرة التنمية والنهضة في الجمهورية الجديدة حتى وإن لم يدركها ويفهمها المواطن المصري نتيجة عوامل مختلفة ومتعددة منها سيطرة الإعلام المعادي للجمهورية الجديدة وتغلب التوجه المضاد للدولة المصرية على العقل الجمعي مع غياب تام لدور الدولة المؤثر في ذلك وتركها لساحة الوعي العام تحت سيطرة الإعلام والرأي الناقد المضاد والمختلف مع الدولة لأسباب كثيرة ومع غياب وفشل منصات الإعلام الرسمية في توجيه وتشكيل أسباب الوعي العام وتوجيه وقيادة حالة الوعي المصري كل هذه الأسباب جعلت الحكومة ومؤسسات الدولة المصرية الإعلامية تفشل في هذه الاتجاهات الحاكمة والمؤثرة في الرأي العام ولكن كل هذا الفشل في جوانب الإعلام المصري في تصدير وتسويق صورة الجمهورية الجديدة مع سيطرة ثقافة الأكل والشرب ونجيب منين حتى على ثقافة وتوجهات الكثير من المثقفين وقادة الرأي المحدودة إلا أنه في الجانب الأخر كانت مراكز البحث والاستقصاء والمراقبة في المحيط العربي والغربي تدرك وتفهم تماما وبدقة متناهية مدى توسع وقوة ونفوذ الجمهورية المصرية الجديدة ومدي اتساع نفوذها وسيطرتها في المستقبل على الداخل والخارج وهو ما يعيد التقديم لنموذج مصري قديم جديد وهو الدولة المصرية القوية القائدة والمؤثرة في محيطها الإقليمي وهو ما أصبح يطرح سؤالا ملحا وضروريا لدى المواطن الخليجي والعربي أين نحن من مصر ؟ وإذا كانت مصر بجميع عقباتها ومشاكلها الاقتصادية والسكانية استطاعت أن تصنع مثل هذه التنمية المتعاقبة والمتسارعة والتي أشادت بها المنظمات والمؤسسات الدولية المعنية بقياس مؤشرات التنمية والنهضة في دول العالم كيف لدول الخليج المجاورة والتي تمتلك ثروات مالية هائلة أن تصنع مثل هذه الحضارة الجديدة ومع وجود العقل المصري المبدع والشخصية المصرية الفريدة أصبح السؤال من يوقف هذا الطوفان المصري الجديد.
وبعد أن كان السؤال صامتا وهامسا خرج إلى وسائل التواصل الاجتماعي وأصبح علنيا وواضحا وصريحا وهو أين نحن من مصر؟ ولماذا لا تستغل الثروات الخليجية والعربية الطائلة في عمل وإنشاء مشروعات تنموية واقتصادية هائلة مثلما يحدث في مصر؟ وأصبح السؤال القائد هل تعود مصر مرة أخرى إلى زعامتها وريادتها مرة أخرى في المنطقة؟ هذه الأسئلة التي خرجت وأصبحت تطوف حول نفسها سبعا وتعود بدون إجابات. فتحت أبوابا كانت مغلقة لأسئلة ومدركات أخرى من الممكن أن تطول ثوابت وقواعد ومعادلات حكم راسخة وثابتة في مثل هذه الدول خاصة مع إعلان ترشح الرئيس عبد الفتاح السيسي لفترة حكم جديدة وهو ما جعله عنوانا لقيادة وزعامة وفترات تاريخية ماضية يحاول الجميع أن يتخلص منها بطمسها وتغييبها وعدم تذكير الشعب المصري والشعوب العربية بها حتى وإن لم تتطابق معها تماما مع تغير أسباب وعوامل التاريخ ولكن تجربة السيسي والجمهورية الجديدة أعادت إلى الأذهان مقارنات الماضي وكأن الزعامات المصرية المدفونة في القبور عادت بمواقفها تتصدر الأحداث حتى وإن كانت في مخيلة البعض .
وحتى تتخيل وكأن ما يحدث من تفخيخ للحدود المصرية وصنع أزمة غزة في هذا التوقيت هو رد على ترشح الرئيس عبد الفتاح السيسي لفترة حكم جديدة واستكماله لمشروعات الجمهورية الجديدة واستمرار رحلة التساؤلات والمقارنات في المحيط المجاور مع عدم توقف أو تعطيل قطار التنمية والنهضة ومشروع الدولة المصرية الجديدة ومع انضمام مصر لمجموعة البريكس تشابكت وتلاقت عوامل وأسباب قوة مصر الشاملة وتأثيرها الفاعل والقوي في معادلات القوة والاقتصاد العالمي.
هذا ما لا يدركه البعض من المواطنين الذين استهلكتهم ثقافة الطعام والشراب وأصبحوا أسرى في مظلومية الغلاء ومسجونين في بكائية المعيشة بمناسبة وبدون مناسبة وتأصلت لدى البعض من مثقفيه ثقافة المعارضة لكل شيء واي شيء من طرف الدولة حتى ولو لم يكلف نفسه عناء مراجعة مواقفه واستقصاء بيانات الحقيقة من مصادر معلوماتية متعددة في حين أدرك الغير ومن الخارج مدى القوة المصرية الشاملة والتي أصبحت تتطابق مع من يقول على قدر أهل العزم تأتي العزائم وعلى قدر أهل القوة الشاملة تأتي المؤامرات والحروب.
مصر الزعامة والقيادة والريادة والقوة والتأثير والنهضة العمرانية والتنمية الاقتصادية مصطلحات أصبحت مصدرا للقلق والإزعاج في محيطها العربي والخارجي ومع توافق وتقدير خطورة مشروع الجمهورية الجديدة على الجميع كان لابد من تعطيل أو هدم هذه المشروعات المتكاملة حتى تعود مصر كما كانت في السنوات الماضية ووفق معادلة مصر التي تمرض ولا تموت أو نجعل مصر تطفو على السطح لا هي تغرق وتموت ولا هي تنجو وتعيش