محمد محمود عيسى يكتب: أزمة الكهرباء والبحث عن حلول غير تقليدية
أزمة انقطاع الكهرباء التي تحدث حاليا وفي كثير من المناطق أحدثت نوعا من القلق والتوتر عند قطاع كبير من الناس خاصة وأنها تزامنت مع أزمات كثيرة يعاني منها المجتمع ومنها أزمة الغلاء المتزايد والغير مبرر في أسعار المنتجات والسلع وبطريقة عشوائية وأزمة جشع التجار واستغلالهم لحالة الاحتياج الشديد للناس مع غياب تام للرقابة على الأسواق وغياب تام أيضا عن السيطرة والرقابة على هؤلاء التجار الكبار الذين يتلاعبون بالناس والسلع والمنتجات والأسواق وكأنها فرصة سانحة لهم لكي يتحصلوا على مكاسب مليونية يومية على حساب الناس والمواطنين وتحت غياب الرقابة والسيطرة على كل هؤلاء التجار الكبار وتحت مبررات الالتزام باتفاقيات دولية وقوانين محلية تمنع الرقابة التامة على الأسواق تم تسليم الشعب إلى التجار تسليم أهالي وكانت أقرب هذه الأزمات والتي ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا أزمة تخزين السجائر لدى كبار التجار والمتحكمين في سوق السجائر وصنع حالة من تعطيش السوق أدت إلى الارتفاع المتزايد والغير طبيعي في أسعار السجائر وتحقيق مكاسب هائلة كل هذا يحدث وكأن كل من يعمل في مجالات التجارة ومن أول من يتعاملون في الحديد والأسمنت والسيارات والسلع الثقيلة نزولا إلى المتحكمين في أسعار السجائر كل هؤلاء كأنهم اتفقوا على أن من يملك فرصة للتكسب ينتهزها وبأسرع وقت وفي أقرب فرصة وتناسى كل هؤلاء كل القيم والضوابط التي تجعلهم يتضامنون مع ظروف البلد وظروف الناس ويحاولون ولو مرة واحدة أن يتضامنوا مع البلد ويتنازلوا عن مكاسبهم الضخمة ولو لسنة واحدة في محاولة للتخفيف عن ظروف الناس الصعبة والقاسية وفي محاولة أيضا للتعبير عن حبهم ووقوفهم مع بلدهم وتقديم الدعم والمساندة لظروف الاقتصاد المتعثرة وحتى يظهروا أنهم يردوا ولو دينا أو جميلا واحدا للدولة وللبلد والناس ولكن للأسف الشديد بدأ الجميع وكأنهم يتداعون على البلد كما تتداعى الأكلة على قصعتها ووسط كل هذه الأزمات المتلاحقة جاءت أزمة انقطاع الكهرباء المتكررة والتي شملت قطاعات كبيرة من قطاعات الدولة جاءت هذه الأزمة وفي أجواء الصيف شديدة الحرارة لكي تكمل عقد الأزمات الذي يطوق أعناق الشعب المصري وأيا كانت مبررات أزمة انقطاع الكهرباء سواء كانت بسبب النقص الشديد في إمدادات الغاز وما صاحبها من حدوث أزمات في الأسواق العالمية للطاقة ومع تزايد حركة التعمير والتشييد وبناء مجموعات كبيرة من مشروعات المدن الجديدة والتي بدورها أضافت أعباء جديدة على شبكة الكهرباء ومع تزايد أزمات انقطاع الكهرباء في العديد من دول العالم وأشهرها فرنسا وتركيا وباكستان والهند وغيرها من العديد من الدول الأوربية وكأن أزمة انقطاع الكهرباء أصبحت أزمة دولية ومع كل هذه المبررات ومع تدويل أزمة انقطاع الكهرباء نطرح مجموعة من الأسئلة وصولا إلى المساهمة في وضع حلول عاجلة وسريعة وحتى لا تكرر مثل هذه الأزمات في المستقبل القريب ومن هذه الأسئلة
ألم يكن من المفترض أن تضع الحكومة تقديرات للمواقف وسيناريوهات متوقعة لكل المشاكل التي تحدث في كل قطاعات الدولة مع وضع الحلول والبدائل المتاحة والممكنة لكل هذه الأزمات وذلك على أيدي كفاءات علمية وعالمية متخصصة في كل هذه القطاعات وأين وزارة التخطيط من حدوث مثل هذه الأزمات وفي هذا التوقيت
لماذا لم تفكر الدولة ومنذ سنوات طويلة في استغلال بدائل الطاقة الشمسية في حل مشكلة نقص الكهرباء في مصر؟ ولماذا لم تجعل الدولة المصرية مشروع استغلال الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء مشروع من ضمن المشروعات القومية صاحبة الاهتمامات القصوى والأولى بتقديم الدعم والرعاية ومن خلال خطة زمنية محددة يتم من خلال هذه الخطة تحويل كل منازل مصر إلى منازل تستخدم وحدات الطاقة الشمسية وخاصة في محافظات الصعيد والتي تعاني من شمس ساطعة حارقة وحرارة شديدة متزايدة؟ لماذا لم يتم تكليف معاهد الأبحاث في مصر وكليات الهندسة في الجامعات المصرية بعمل نماذج لوحدات الطاقة الشمية تكون عالية الجودة والكفاءة ومنخفضة التكلفة ويتم هذا التكليف من خلال رئاسة الجمهورية وتحت إشراف مؤسسة الرئاسة المصرية وتحت جدول زمني محدد وسريع وبالتعاون مع وزارة الإنتاج الحربي من خلال تكليف المصانع الحربية وبالتعاون مع كليات الهندسة ومعاهد الأبحاث بعمل تصميمات لوحدات الطاقة الشمسية عالية الجودة والكفاءة ومنخفضة التكلفة وتوزيع هذه الوحدات على المواطنين بشروط وأقساط مرنة وبسيطة أو يكون الفائض من كهرباء المنازل والعائد إلى الشبكة القومية للكهرباء هو قسط وثمن هذه الوحدات تخيل معي أن هذا التكليف الرئاسي حدث وبدأت الجامعات تنفيذه بالفعل وبدأت التجربة تنجح وتنتشر في مصر وأصبحت كل منازل مصر تستخدم وحدات الطاقة الشمسية في إنارة المنازل تخيل معي الميزانيات الضخمة التي من الممكن أن توفرها الدولة من فائض استخدام الكهرباء وثمن الغاز المستخدم في محطات الكهرباء وأضف إلى ذلك سيتوفر لدى الدولة فائض ضخم من الكهرباء من الممكن أن تقوم بتصديره إلى الخارج وتتحصل منه أيضا على مبالغ طائلة
المشاكل والعقبات التي يمر بها العالم لا تنتهي وقابلة للتصعيد والزيادة مما يخلق نوعا من الضغوط على الدولة المصرية وبالتالي ونتيجة لذلك هناك مشاكل وأزمات قابلة أن تحدث في المستقبل ولكي نتغلب على هذه المشاكل والعقبات لابد من حلول جديدة ومبتكرة وغير تقليدية وتخطيط علمي حديث يسبق حدوث هذه المشاكل والعقبات ويضع تقديرات للمواقف جيدة وحديثة وصحيحة وعلمية ويضع لها كل الحلول الممكنة والواقعية وكل هذه الحلول ممكنة ومتوفرة لجميع مشاكل وعقبات وقضايا مصر بشرط أن نطلق حربة التفكير والإبداع لدى الشباب في الجامعات والمعاهد والمدارس وتوفير كل الموارد والإمكانيات المالية اللازمة للإنفاق على البحث العلمي والتعامل مع البحث العلمي في مصر على أنه عصب وقوة تقدم الدولة جربوا أن تتعاملوا مع ملف الطاقة الشمسية وسلموه للشباب و للمعاهد وكليات الهندسة في الجامعات بتكليف رئاسي محدد المدة وأنا على يقين أنه خلال أعوام قليلة ستضاء مصر كلها بواسطة وحدات الطاقة الشمسية وستحقق مصر تجربة مصرية عالمية في استخدام وحدات الطاقة الشمسية في إنارة المنازل وحتى يتحقق ذلك نأخذ خطوات أولية في استيراد وحدات التكييف التي تعمل أيضا بالطاقة الشمسية وتوفيرها للمواطنين بأسعار مناسبة وكفاءة وجودة عالية مع إعطاء مهلة زمنية لكل الشركات والمصانع التي تعمل في مجال وحدات التكييف الكهربائية بالتوقف عن إنتاج هذه الوحدات الكهربائية وتحويل خطوط الإنتاج لديها إلى خطوط إنتاج وحدات تكييف تعمل بالطاقة الشمسية خلال فترة زمنية قليلة
جربوا وخذوا خطوات جادة وعلمية وحديثة ومبتكرة للقضاء على مشكلة انقطاع الكهرباء في مصر حتى وإن حدثت هذه المشكلة في العديد من دول العالم لكن لا يليق بالجمهورية الجديدة وهي تقدم نفسها ومشروعاتها للعالم أن تقدمها وهي تعاني من مشاكل انقطاع الكهرباء