حازم عبده يكتب : قمة الوفاق العربي
اتسمت القمة العربية العادية في دورتها الثانية والثلاثين التي عقدت يوم الجمعة الماضي في مدينة جدة السعودية برئاسة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بحالة من الوفاق العربي، تلك الحالة التي افتقدها العمل العربي المشترك طوال سنوات، وكما كان غياب سوريا وتعليق عضويتها الحدث الأبرز للقمة العربية التي استضافتها الدوحة في مارس 2013 جاءت مشاركة الرئيس السوري بشار الأسد في القمة كأبرز أحداث قمة جدة والتي فتحت العديد من التساؤلات على المستقبل، وذلك بعد الموافقة على عودة سوريا إلى الصف العربي بعد غياب لنحو عشر سنوات.
في الوقت نفسه حظيت مشاركة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي كضيف في القمة باهتمام عالمي واسع في التغطيات الإعلامية وبغض النظر عما أثير حول دعوة زيلنسكي سواء من السعودية مستضيفة القمة أو من الجامعة العربية، فقد أتاحت مشاركته بحسب وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان الفرصة للاستماع لرؤية الجانب الأوكراني في الحرب الدائرة والتي يتأثر بها العالم، وفي القلب منه العالم العربي الذي اتخذ موقف الحياد الإيجابي ويرتبط بعلاقات قوية مع الطرفين الروسي والأوكراني ويسعى لحل الصراع عبر التسوية السياسية.
تميزت كلمات القادة في القمة بالدقة والاقتضاب والتأكيد على مركزية القضية الفلسطينية والحرص على إنهاء الأزمات العربية في السودان واليمن وليبيا وسوريا كضرورة لا بد منها في ظل الأوضاع العالمية الضاغطة على السياسة والاقتصاد وحياة الشعوب.
وجاءت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال القمة كاشفة للوضع المقلق الذي تعيشه الشعوب العربية، وتتطلب مواقف جادة لطمأنة الشعوب وإنهاء أسباب القلق حيث قال” لقد مرت منطقتنا، خلال السنوات الأخيرة، بظروف استثنائية قاسية هددت أمن وسلامة شعوبنا العربية وأثارت في نفوس ملايين العرب، القلق الشديد، على الحاضر.. ومن المستقبل.
وقدم الرئيس السيسي رؤية مصر لما يمكن أن يعيد الاستقرار ويذهب البأس ويبث الطمأنينة في نفوس الشعوب العربية حين قال: لقد تأكد لكل ذي بصيرة، أن الحفاظ على الدولة الوطنية، ودعم مؤسساتها، فرض عين وضرورة حياة، لمسـتقبل الشعوب ومقدراتها فلا يستقيم أبداً، أن تظل آمال شعوبنا، رهينة للفوضى، والتدخلات الخارجية، التي تفاقم من الاضطرابات، وتصيب جهود تسوية الأزمات بالجمود. إن الاعتماد على جهودنا المشتركة، وقدراتنا الذاتية، والتكامل فيما بيننا، لصياغة حلول حاسمة لقضايانا.. أصبـح واجبا ومسؤولية.
إن نجاح الرئاسة السعودية في إدارة أعمال القمة بسلاسة وبتنظيم دقيق، والروح التي سادت في أعمال القمة، كل ذلك يجعل المراقب يتأمل في مسارات جديدة تضع حداً لحالة التشتت العربي والصراعات العربية- العربية، وتفتح باب الأمل لعودة الدول العربية للبناء والتنمية وانتشال شعوبها من حالة التيه.