محمد محمود عيسى يكتب: المعترضون على كل شيء
تجلس معهم وتتحدث إليهم عن أحوال البلد تجدهم يعترضون على كل شيء، كل شيء لا يعجبهم شيء لا في السياسة ولا في الاقتصاد ولا في الحكم ولا في الطرق ولا في الكباري ولا في القطارات الجديدة ولا في المدن الحديثة ولا في المجمعات الصناعية التي يتم افتتاحها ولا في المشاريع الزراعية الضخمة التي تم افتتاحها. تسألهم عن مشروع حياة كريمة يعترضون تسألهم عن المبادرات الطبية العلاجية يقولون لك ( مش شايفين حاجة ) تسألهم عن التعليم تجدهم يعترضون ويرفضون تحدثهم عن أي شيء في البلد صغيرا أو كبيرا تجدهم يعترضون ولا يعجبهم شيء وكأنهم أصبحوا أسرى لإدمان الشكوى والاعتراض حتى إذا سألت الواحد منهم عن أي شيء يعجبه في البلد لا تجد عنده شيء يعجبه ويوافق عليه وكأنهم ضبطوا أعينهم على وضع النقطة العمياء على عدم مشاهدة أي شيء إيجابي وضبطوا عقولهم على عدم تصديق ما تشاهده أعينهم من أي شيء إيجابي في البلد وحينما تناقش الواحد منهم وتحاول أن تشرح له الأمور وتقول له أتفق معك أنه توجد سلبيات ولكن توجد إيجابيات كثيرة ومشاريع عظيمة وكما تحاول أن ترى السلبيات وتعترض عليها ابحث أيضا عن الإيجابيات وتحدث عنها واشكرها وقدمها لنفسك وللناس إما أن يرد عليك بالصمت المريب أو يقول لك أنك ترى وحدك فقط ما تقوله أذكر أنني شرحت لمجموعة من الركاب في سيارة أجرة وهي تسير على الطريق منظومة الطرق الحديثة ومدى جودتها ووسائل تأمينها ومدى إسهام هذه المنظومة في اختصار زمن السفر وتقليل الحوادث أجاب أحد أعضاء حزب المفذلكين والذين لا يعجبهم شيء في البلد أن منظومة وشبكات الطرق المصرية هي منحة من إحدى الدول العربية الشقيقة وهي التي تقوم بالصرف على تنفيذ شبكات الطرق والكباري والمحاور في مصر ….. أي كلام فارغ لا قيمة ولا معنى له المهم أن يثبت الواحد من هؤلاء المعترضين والذين لا يعجبهم شيء في البلد أنه فاهم وعنده المعلومات الموثقة التي تثبت كلامه الفارغ. تترك هؤلاء وتتحدث إلى واحد من الشباب تتوسم فيه الفهم والفكر والثقافة وتدخل معه في حوار ونقاش عن المشروعات والتنمية والنهضة والجمهورية الجديدة ومشروعها التنموي الكبير وتجارب الدول الأخرى التي واجهت الصعوبات والمشقات في سبيل استكمال نهضتها وريادتها تجده أيضا يعترض ولا يوافق ولا يعجبه شيء وتسأله ما الذي يعجبك وتوافق عليه وترى أنه شيء إيجابي ينظر إليك ويصمت وكأنه يستكبر على نفسه الاعتراف بأي شيء إيجابي يراه في البلد. تقلب في صفحات الفيس بوك تجد أحد الأشخاص والذي يطلق عليه (الأستاذ فاهم في كل حاجة) وقد نصب نفسه فاهما وخبيرا ومعترضا ورافضا لكل شيء بداية من الاقتصاد والصناعة والزراعة والثقافة والفنون والمسلسلات ومباريات كرة القدم مرورا بالتهكم والسخرية على الكباري والمحاور وشبكات الطرق وصولا إلى رفضه واعتراضه على الحكم والحكومة وكل شيء وكأن الاعتراض لمجرد الاعتراض هو الذي يميزه عن غيره من الناس ويؤكد باعتراضه ورفضه الدائم على أنه فاهم ومثقف ومعارض. ناهيك عن هؤلاء الذين يخفون إخوانيتهم الكريهة وهم يستترون خلف أي رداء وظيفي أو دعوي أو مجتمعي أو ثقافي وهم يركضون في مضمار الاعتراض على كل شيء والرفض لكل شيء ولكن هذه الفئة تظهر الروائح الكريهة من اعتراضهم ورفضهم بسبب انتماءهم لجماعتهم الإرهابية وهناك فئة أخرى لم تدرك مفهوم وفلسفة ومعنى المعارضة الوطنية الحقيقية وارتدت ثوب المعارضة السطحية الغير واعية وتجدهم أيضا طوال الوقت معترضين ورافضين لكل شيء وحينما تقول للواحد منهم أن النظريات السياسية من الوارد أن تتبدل وتتغير وهي ليست نظريات مقدسة ثابتة فمن الممكن أن تكون معارضا ولكن من الوارد أن تكون موافقا ومؤيدا لمشروع سياسي أو اقتصادي او زراعي أو صناعي أو حتى فني تشكره وتمدحه وتثني عليه وهذا لا يقلل من معارضتك في شيء .وأخيرا هناك المفذلكين الذين يتحدثون وهو يتفذلكون في اعتراضهم ورفضهم وقصصهم وحكاياتهم لا لشيء إلا أنهم يريدون أن يظهروا بمظهر الفيلسوف المفذلك الفاهم ولكل هؤلاء جميعا ارحموا أنفسكم وغيركم من رفضكم واعتراضكم الدائم والمستمر على كل شيء واي شيء وحاولوا ولو لمرة واحدة أن تنظروا وتتأملوا وتفكروا وبعد اعترضوا وارفضوا وتفذلكوا