حازم عبده يكتب: على أعتاب رمضان- بعض القول
![حازم عبده](https://misralan.net/wp-content/uploads/2023/01/AE643E2D-3B5A-435B-8074-5075B0603394.jpeg)
في تمام الساعة السابعة والدقيقة الرابعة والعشرين مساءً بتوقيت القاهرة، يوم الثلاثاء 29 من شعبان 1444هـ الموافق 21 مارس الجاري أي بعد الغروب (يوم الرؤية)، ومباشرة بعد حدوث الاقتران يولد هلال شهر رمضان، وذلك وفقاً للحسابات الفلكية لمعمل أبحاث الشمس بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية.
وهذا يعني، بحسب رئيس المعهد الدكتور جاد القاضي، أن الهلال الجديد لن يكون قد ولد بعد عند غروب شمس (يوم الرؤية) في القاهرة وكذلك في أغلب العواصم والمدن الإسلامية، ويغرب القمر (في طور الهلال القديم) قبل غروب الشمس في مكة المكرمة بـ 9 دقائق، وفي القاهرة بـ10 دقائق، وفي محافظات مصر يغرب القمر قبل غروب شمس ذلك اليوم بمدد تتراوح بين (8 – 11 دقيقة). وبذلك يكون الأربعاء 22 مارس الجاري هو المتمم لشهر شعبان 1444هـ، و تكون غرة شهر رمضان المعظم 1444هـ فلكياً يوم الخميس 23 مارس الجاري، ويكون عيد الفطر المبارك يوم الجمعة 21 أبريل 2023 وصلاة العيد عند الساعة 5:47 صباحاً في القاهرة. فكل عام والأمة الإسلامية بخير وأمن واستقرار وإلى الله أقرب.
ومن المعروف أن الحسابات الفلكية تستطيع حساب غرة رمضان لمدد تتجاوز 100 عام بدقة متناهية، وقد زرت بنفسي معهد البحوث الفلكية والجيوفيزيقية والتقيت مع أساتذة بحوث الشمس واطلعت على حساباتهم، لذا لا أدري لما هذا التشرذم وهذا الخلاف على الرغم من الحسم العلمي ووضوح الموقف الفقهي الذي أفتى بجواز الأخذ بالحسابات الفلكية في تحديد رؤية شهر رمضان أو اعتبار رؤية أي بلد مسلم رؤية لجميع البلاد أو اعتماد رؤية مكة المكرمة حيث تشترك بلدان العالم الإسلامي مع مكة المكرمة في جزء من الليل.
وقد حسم الجدل مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي ويضم كبار الفقهاء من دول العالم الإسلامي في دورته الثانية في جدة بالسعودية سنة 1985 والثالثة في سلطنة عمان سنة 1986 حيث قرر : أولاً: إذا ثبتت الرؤية في بلد وجب على المسلمين الالتزام بها ولا عبرة لاختلاف المطالع لعموم الخطاب بالأمر بالصوم والإفطار.ثانياً: يجب الاعتماد على الرؤية ويستعان بالحساب الفلكي والمراصد مراعاة للأحاديث النبوية والحقائق العلمية.
وهذه القرارات كل المسلمين معنيون بها حيثما وجدوا درءاً للاختلافات المبررة بتباعد الأقطار وتغاير المواقيت.
الأمر الآخر فإن شهر رمضان وموسم الحج حدثان يميزان الأمة الإسلامية، وما رأيت وسائل الإعلام في العالم قاطبة تهتم بشكل إيجابي بالعالم الإسلامي وبالإسلام مقدار ما تهتم به في هذين الحدثين، كرمز لهذا الدين ورمز لوحدة هذه الأمة بشعائر واحدة ومظاهر واحدة من استعدادات لشهر رمضان وصلاة وصيام وقيام وموائد رحمن وتزاور ومودة ورحمة، وكذلك مشهد الحج العظيم بهذا اللون الأبيض الناصع في خير البقاع، فلماذا نفسد هذه الرمزية بالاختلافات السياسية في تحديد الرؤية، فنجد بلداً يشذ لمجرد خلافات سياسية ويصوم بعد الجميع بيومين أو يسبق الجميع بيوم أو يومين، بعيداً التشبث بالرؤية المجردة، فالأمر يسىء ويفرق ولا يجوز بحال من الأحوال. هدانا الله جميعاً وبلغنا رمضان بكل خير لا فاقدين ولا مفقودين متحدين غير متفرقين.