راندا الهادي تكتب: طالب إم چي!!
قد تذهبُ بخيالِك تحت هذا العنوان إلى أنني سأتحدث عن إحدى المدارس الدولية أو مِنَحٍ دراسيةٍ مقدمةٍ للطلبة من دول أجنبية! أتعرفون من وحدَهم سيكتشفون مضمونَ مقالي؟ مَن كانوا مِن قاطِني الـ (إم چي) أو المدينة الجامعية!
لا أعرف هل نحن _ قاطني المدن الجامعية _ مَن أطلَقْنا على أنفسنا هذا الاختصار أم سكان القاهرة؟! عامةً سأحاول البحثَ لاحِقًا في هذا الأمر، أما الآن وباعتباري من طلاب الـ (إم چي) سأتحدث عن تلك التجربة التي خُضتُها لأشاركَكم خبراتٍ لم يتعرض لها البعضُ مِن قبل.
حياةُ المدينة الجامعية غايةٌ في الخصوصيةِ والثراء، الخصوصية تأتي من منطلق خضوعِك لقواعدَ لا توجد في أماكنَ قد تتشابهُ معها في الغرض مثل الفنادق أو السكن الخاص أو حتى معسكرات التدريب التعليمية، بَدءًا من الطوابير الطويلة لتقديم أوراق الالتحاق بالمدينة الجامعية وتوقيع الكشف الطبي عليك، ثم دفع الرسوم الشهرية، لتحصُلَ بموجِبه على (بونات) الوجبات الغذائية الثلاث خلال اليوم.
أما الثراءُ في حياة طالب الـ (إم چي) فمصدرُه هذا التنوع في الشخصيات واللهجات والعادات والأعراف، الذي يجتمع تحت سقفِ مبنى واحد، بل غرفةٍ واحدة مِن غُرف المبنى، فمثلا كانت غُرفتي في مبنى كلية إعلام تضم ثلاثَ محافظات (الإسكندرية، البحيرة، والدقهلية)، أما إذا حَمَلَتْكِ أقدامُكِ لزيارةِ صديقةٍ في مبنى كلية الآداب، فستجدين في الغرفة الواحدة ما يَزيد عن ثماني طالبات!! لا، ربما أكثر!!
ألم أقل لك ستجد في حياة المدينة الجامعية مِن الخصوصية والثراء ما لن تجده في غيرها!!
وإذا ما وضعنا معاناةَ البُعد عن الأُسرة والخروج وحيدًا _ لأول مرة _ في مواجهة الحياة، وما يُضيفه ذلك من سماتٍ وخبراتٍ شخصية _ لن يكتسبَها من لم يَمُر بتجربة المدينة الجامعية _ كان ولا بد من إبداء كل التقدير لهذا المجهود المبذول من الدولة لتوفير مكانٍ ملائم، ووجباتٍ غذائيةٍ ساخنة لطالبي العلم، وبمقابل يُعد رمزيًّا في هذا الوقت، خاصة إذا تعرفتَ على ما تُقدمه باقي المدن الجامعية على مستوى العالم لمرتاديها من خدمات، وصعوبة حجز مكان بها نظرًا للبَون الشاسع بين عدد المتقدمين وعدد الأماكن المتاحة، لذا يلجأ الكثيرون إلى السكن الخاص بتكلفته المرتفعة أو مشاركة أُسرة في منزلها مع توفير وجبة أو وجبتين، ومخاطر ذلك لغياب الرقابة والإشراف والقواعد المُلزِمة.
ولأن الحديثَ يطول عن الحياة داخل المدينة الجامعية، وما تحتويه صفحاتُ هذه الأيام وطيَّاتُها من ذكرياتٍ منها المُشرق ومنها غيرُ ذلك… سأستأذن في استكمالِ الحكايات بمقالاتٍ تالية تحملُ نفس العنوان (طالب إم چي).