مقالات الرأى

زينب الإمام تكتب: المجانين في نعيم !!

يقول علماء النفس ان كلمة مجنون ليست تعبيرا علميا دقيقا ..رغم انها شائعه ويتخذها الناس بلا حرج للدلالة علي من فقد التركيز ويتصرف تصرفات غير مالوفه غير مباليا ..
وللدقة بحثا عن اصل الكلمة لغويا تجد لها معاني كثر منها ان جن يعني ستره شئ وتملك منه ..وسيطر عليه ..اذا جن فهو مجنون او جنت فهي مجنونه بشئ او فكرة او تجربة ما او حدث ..سيطر وتمكن من عقل الشخص ذكرا كان او انثي بحيث لا هم له الا التعبير عنه والتفكير فيه والاعلان عما يجيش في صدره نحو هذا الذي يسيطر عليه ..ولا شئ يهم مهما كان ويجري من حوله بدرجة تجعل محيطة يصفه بالجنون ..
جميل ..وماذا بعد ..ورغم تفاسير علماء النفس ..؛انتشرت تعبيرات نستخدمها ومتفق عليها ..كأن تقول الفنون جنون !..والمجانين في نعيم ..؛وعند استخدم اي من العبارتين يختلف الامر تماما .
.ولنبدأ بالفنون التي وصفت بالجنون !! وفي نفس الوقت يقال عنها ابداعا ونتاج خيال خصب اساسه موهبة وقدرات تميز صاحبها ..اذا لماذا هي جنون !لان الفنان هو في قول اخر المبدع وايضا المخترع او المبتكر ..المعبر عن مكمون نفسه باسلوب مختلف تماما عن غيره ..ولك مثالا علي ذلك في المجالات المتعدده التي تسمي فنون ..الفن التشكيلي ..الاداء التمثيلي ..التصوير ..الموسيقي ..النحت ..كل ما يخطر علي البال من نتاج الفكر والعقل ويلخص بكلمة موهبة ينتج عنها عملا يتفاعل معه الناس استحسانا وربما اعتراضا يمدح او يقال عنه جنونا ..
ومن اين اتي اذا تعبير ان المجانين في نعيم !!..يقال ان الحكماء المهمومين بعظائم الامور والعاكفين علي تفسيرها وتحليلها ومحاولات مضنية لفك شفراتها وتحليل شخصيات وتعليل ما ينتج من احداث في اركان الدنيا الاربع …انتهوا الي من لا يعنيه كل هذا ولا يشغله غير محيطه الضيق هو مجنون مسيطر عليه فكرة واحده لا يري غيرها ولذلك هو في نعيم ..
وعلي جانب اخر هناك جنون الشعر يا سادة ..وياله من نعيم مقيم وعالم قائم بذاته يسير فيه الشاعر بلا حدود ذلك الذي تلبسته ملكة القول والبوح ونظم الكلمات معبرا عما يشعر به ايذاء كل شئ
الحب .والغزل .الذم والمديح ….الحرب والسلام ..يصول ويجول بحرية ..واذا ما قوبل بهجوم او رفض ..تجد الاف المدافعين عنه ممن الهب شعره حواسهم الي حد التغني به بل والتندر بأبيات علي انها حكمه يقتدي بها ..
ومن منا لم يأخذ بيتا لشاعر وجعله حكمه يقتدي بها
كأن تقول متباهيا حتي لو وصفوك بالمجنون
غد بظهر الغيب واليوم لي ..وكم يخيب الظن في المقبل !
الي قوله
لا توحش النفس بخوف الظنون
واغنم من الحاضر امن اليقين
فقد تساوي في الثري راحل غدا
وماض من الوف السنين
عمر الخيام الشاعر الفارسيي
الذي ترجمة عنه ..شاعرنا الكبير احمد رامي رائعته وتغنت بها كوكب الشرق ..
حقا ..ما اجمل نعيم جنون الشعر …

زر الذهاب إلى الأعلى