مقالات الرأى

حازم البهواشي يكتب: (أحمد علي مرسي) في ذكرى ميلاده

مع بداية كل عام جديد يتذكر محبو الأدب الشعبي والأصول المصرية ذكرى ميلاد حارس هذه الأصول (وهو وصف أطلقه د/ “هيثم الحاج علي” رئيس هيئة الكتاب السابق عليه)، أقول: يتذكرون يوم ميلاد أستاذنا الدكتور “أحمد علي مرسي” ( ١ / ١ / ١٩٤٤م _ ٢٠ / ٧ / ٢٠٢٢م ) أستاذ الأدب الشعبي بجامعة القاهرة الذي وُلد في قرية الخادمية بمحافظة كفر الشيخ.

“أحمد مرسي” أستاذٌ من طراز رفيع يعرف معنى وقيمةَ وشرفَ الأستاذية، أستاذٌ ندر أن تقابلَ مثلَه، له الكثيرُ من الأيادي البيضاء على تلاميذه، وفي مجال عمله، أستاذٌ تتعلم منه في قاعة الدرس دروسًا عِلميةً وحياتيةً وإنسانية، فيظل علامةً فارقةً في حياة تلاميذه وكل من يعرفه.

تأمل معي هذه الكلمات التي كتبها يومًا لي لتعرفَ أنني حقًّا أتحدث عن إنسانٍ وأستاذٍ من طرازٍ فريد: (شكرًا جزيلًا يا حازم ابنًا وصديقًا… أنت وزملاؤك مَن أضفَوا عليَّ شرفَ الأستاذية أو قيمةَ الأستاذية؛ فالأستاذية ليست مجردَ درجة أو وظيفة، وإنما هي فكرٌ وسلوكٌ وعطاءٌ أنتم ثمرتُه… تُطيلون عمري وتملأون حياتي بهجةً وسعادة).

في مدرجات آداب القاهرة كانت لنا حكايات يطول الحديث عنها، أتذكر منها في اللقاء الأول بدُفعتنا حين دخل مدرجَ (78) الشهير، وحيَّانا قائلًا: (مساء الخير)، ثم التفتَ إلى أحد زملائنا: (قم يا ابني، لِمَ لمْ ترد عليَّ التحية؟!) ردَّ الزميل: (تحية الإسلام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)!! وكان الدرس الأول بعد ما طلب الأستاذ من الزميل أن يخرج من المدرج (لكن هذا لم يحدث بطبيعة الحال)، كان الدرس الأول: (الإسلام الذي أعرفه يا سادة يقول: ” وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ … ” (النساء _ 86)!! كان يجب عليك أن تردَّ التحيةَ ثم تناقشني إن لم تكن تعجبك، وتقول لي: يا دكتور بعد إذنك نحن هنا في قسم اللغة العربية، فأرجو منك بعد ذلك أن تحيينا بـ”السلام عليكم”، كنتُ سأقبل منك هذا، لكنني لا أقبل ألا ترد التحية)!!

انبرى زميلٌ آخر ليشارك في النقاش قائلًا: (وهل حضرتك كـ”دكتور” كنتَ ستسمح له بقول ذلك؟! ثم أضاف الزميل: لأ طبعًا، كنتَ ستستخدم سلطتك كـ”دكتور” في قمعِه وقمعِنا)!!

تقبَّلَ أستاذُنا هذا الرأيَ _ رغم حِدَّتِه وحِدَّةِ صاحبِه _، وكان ردُّه: (كنت جرَّب تعمل ده وشوف!! مالها صباح الخير ومساء الخير يا سادة، أنا كنت أروح الصبح لِـ (سِتِّي) (جَدتي) وأقول لها: صباح الخير يا سِتِّي، فترد عليَّ قائلةً: (يِصَبَّحَك ويرَبَّحَك بِين العِبَاد مَا يِفْضَحَك يا أحمد يا ابني)!!… انتهى الدرسُ الأول للأستاذ.

وقبل أن أترككم مع عشرة دروسٍ أخرى من خلال الأمثال الشعبية التي كان يكتبها كلَّ صباح على صفحته على الـ (فيس بوك)، ويعلمنا إياها في قاعة الدرس، ينبغي أن أشير إلى أن الدكتور “أحمد مرسي” هو الحاصل على جائزة النيل في الآداب التي أُعلن عنها في 20 يونيو عام 2020م وهي أعلى جائزة تمنحها الدولة، أما سيرتُه الذاتية فمليئة بالمؤلفات والجوائز والمناصب والمهام التي أُسنِدت إليه وكُلِّف بها وقام بواجباتها خيرَ قيام.

دروسٌ عشرة للأستاذ:

١- كِـسْـرَة مـن الـزّاد تِـكْـفـيـك .. وتـِبْـقَـى نَـفْـسـك عـفـيـفـة .. دا الْـقـَبـْر بُـكْـرَةْ يِـطْـويـك .. وتـبـقـى جـار الـخـلـيـفـة.

٢- بُكْرَة الأيام بِتْعَدِّى وِيْبان اللي بِيِلْمَع من المصَدِّي.

٣- قليل الأصل إنساه، يِفْضَل خسيس ولو الزمن علّاه.

٤- قليل الأصل مهما الزمن يِدِّيهْ، لا يحِسّ بِشَبَعْ ولا يِشْكُر اللي عاطِيهْ.

٥- بُكرةْ يِعَدّي دا الكابوس وِ تِطْلع بدل الشمس شموس.

٦- جابوا الدّيب يعلّموه القِرَايَه (القراءة)… قالوا له قُول “ألِف”… قال “مِعزة”!! (المعنى أن الطبعَ غلاب)!!

٧- حُسْن الأخلاق وِسْع في الأرزاق.

٨- رَبَّك رَبّ العَطَا يِدِّي البَرْد عَلى أدّ الغَطَا.

٩- اللي يِشْقَى يِلْقَى.

١٠- اللي يِعِزّ نفسُه الناس تِعِزُّه.

زر الذهاب إلى الأعلى