مقالات الرأى

حازم البهواشي يكتب: مالوش لازمة!!

0:00

_ العتاب (مالوش لازمة) عند تكرار الخطأ أكثر من مرة، لكنه في البدايات (له لازمة)؛ فقد (استبقاك من عاتبك) كما قال “ابن حزم الأندلسي” ( 384 هـ _ 456 هـ ).

_ يقولون: الدوري من غير الأهلي (مالوش لازمة)، وأقول لك: اهتمامك بشؤون الأهلي والزمالك وغيرهما أكثر من شأن نفسك وبيتك وبلدك وأُمَّتِك (مالوش لازمة)!!

_ يقول لك أخوك / صديقك حين تَعْرِضُ عليه المساعدة: (مالوش لازمة)، إنه يقولها حياءً وخجلًا، لكنك يجب عليك ألا تتراجع؛ فوقوفك بجانبه وقت العُسرة والضيق (له لازمة)، وما ليس (له لازمة) أن تَهُبَّ لمُساندتي (بعد ما قُمت على حيلي)!!

_ (اللي مالوش لازمة) شيءٌ تافه، و (اللي مالوش أي تلاتين لازمة) شيءٌ أتفه!! لذا ينبغي ألا نستهين بعلاقاتنا الإنسانية، فإن لها (لازمة ونُص)!! وكما أن مواقف الجدعنة لا تُنسى، فمواقف الخِذلان ودقات النقص لا تُنسى أيضًا!!

_ الأيام متقلبة، ووقوفنا بجوار بعضنا البعض _ قدر استطاعتنا _ خاصةً في الشدائد، له مفعول السحر، يعني (له لازمة ونص)!! فالإنسان _ وإن تظاهر بالقوة _ ضعيف، خاصةً حين تضيق عليه الدنيا، ويتملكه الخوف والحَيْرَة، لذا فإنك حين توشك على السقوط لا تنسى من سَنَدَك أو انتشلك من قاع اليأس والحُزن.

_ أتذكر مداخلةً من مستمع كريم في برنامجي الأسبوعي (أفيدونا)، قال لنا: إن ابنه قد تُوفِّي، وهو _ الأب _ كان قد أوشك على الانتحار، لكنّ هذه الحلقة كانت فارقةً معه!! ما يعني أن الإعلام الهادف (له لازمة ونص)!! ولعلنا جميعًا نتذكر أغنية الثلاثي المَرِح (وفاء مصطفى _ صفاء لطفي _ سناء الباروني) التي صاحبت أولَ بَثٍّ للتليفزيون المصري في (21 يوليو 1960م)، في تمام الساعة السابعة مساء: (كله ثقافة وعلوم وفنون، بيسلي تمام زي السيما… التليفزيووون)، ما يعني أن (الهلس) ليس إعلامًا، وأن الإعلام الحقيقي يقف بجانبك كإنسان يَزيد من وعيك، ويُبَصِّرُك، ويخاطب عقلك لا غرائزك حتى عندما يقوم بدوره الترفيهي!!

_ “كعب بن مالك” أحدُ الثلاثة الذين تخلفوا دون عُذر عن غزوة تبوك غزوة العُسرة في العام التاسع الهجري وهم (كعب بن مالك الأنصاري _ مُرارة بن الرّبيع العمري _ هلال بن أميّة الواقفي)… لما أنزل الله توبتهم بعد خمسين ليلةً هجرهم فيها رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ وصحابته لا يكلمونهم، انطلق “كعب” مُسرِعًا إلى مسجد رسول الله، فلما دخل المسجدَ قام إليه “طلحة بن عبيد الله” يهرول، حتى صافحه وهنَّأه. وعن هذه اللحظة يقول كعب: (والله ما قام إليَّ رجلٌ من المهاجرين غيره، ولا أنساها لطلحة)!!

_ وفي حادثة الإفك، حين اتهم المنافقون أم المؤمنين “عائشة” _ رضي الله عنها _ في شرفها، وآذوا رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ في عِرضه، حتى نزل القرآن ببراءتها، يُروى أن امرأةً من الأنصار دخلت على “عائشة” في حُجرتها خلال تلك الأزمة، وقد هجرت الناسَ، وألمَّ بها الحزن، فبكت معها المرأةُ كثيرًا دون أن تَنطق بكلمة!! وتقول أم المؤمنين: (لا أنساها لها)!!

_ إننا لا ننسى صِدْقَ المشاعرِ والمواقف، فهي تُقَرِّب وتُقوي وتُعزز المكانة، فإياك أن تقول: (مالهاش لازمة)… أبدًا (لها لازمة ونص)!!

زر الذهاب إلى الأعلى