أنس الوجود رضوان تكتب:العريش من ملتقى فنون البادية نحن هنا، وهذا تراثنا

من قلب الرمال الذهبية، حيث يهمس الصمت وتغني الريح،ولدت فنون البادية، نقيةً كالماء، وعميقةً كالجذور في أرض لم تنكسر
هنا في ضوء القمر على الكثبان، تشكلت الحكايات، وتسللت الألحان من أفواه الجدات، واختلط الشعر برائحة القهوة، والحنين بأصوات الربابة
فنون البادية ليست مجرد تراث، إنها وجدان حي، يحمل في طيّاته الشجن، والكرامة، والفرح المختبئ خلف التجاعيد، والقصائد التي تمشي في الصحراء
هي مرآة الإنسان البدوي، الذي عبر عن ذاته بالفطرة، وغنى للحب والحرب، للغربة والرجوع، للقبيلة وللوطن
واليوم، حين نلتقي في ملتقى سيناء الأول لفنون البادية، فإننا لا نعود فقط إلى الماضي، بل نُعيد اكتشاف أنفسنا من جديد في مرآة هذا الفن الصادق، النابع من القلب، البعيد عن التكلف، القريب من الروح
لم يكن ملتقى سيناء الأول لفنون البادية وليد لحظة عابرة، بل كان حلماً ثقافياً ، حتى تبّته الهيئة العامة لقصور الثقافة، وأصرت على أن يُولد هذا الحلم إلى النور رغم كل التحديات
فبجهد دؤوب، والعمل الجماعى ، تحولت الفكرة من مجرد اقتراح إلى واقع ملموس، يُحتفى به على أرض العريش، وتنبض به قلوب الفنانين وأبناء البادية.
لقد بذلت الهيئة بقياداتها وفرقها الميدانية مجهوداً كبيراً في التخطيط، والتنسيق، والإعداد، والتنفيذ، من أجل أن يخرج الملتقى بصورة تليق بمكانة سيناء، وبقيمة التراث البدوي الأصيل.
وجاء هذا العمل الجماعي ليرسخ قناعة ثابتة مفادها أن الثقافة حين تؤمن بها المؤسسات، فإنها تصبح قوة ناعمة تصنع الوعي، وتُعيد تشكيل الوجدان
الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف
نائب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة
ملتقى سيناء لفنون البادية
حدث ثقافي فريد يجمع بين عبق التاريخ وثراء التراث البدوي المصري الأصيل.
لقد جاءت فكرة الملتقى إيماناً منا في الهيئة العامة لقصور الثقافة بأن التراث البدوي هو أحد أعمدة الهوية الثقافية المصرية، فهو ليس فقط فنوناً ، بل هو طريقة حياة، ورؤية للعالم، وتجليات للروح المصرية في بيئتها الصحراوية الشامخة.
ونحتفى بالغناء البدوي، والحِرف التراثية التي توارثها الأجداد جيلاً بعد جيل، ونُعيد تقديمها للأجيال الجديدة، لنؤكد أن الثقافة الشعبية ليست مجرد ماضٍ يُروى، بل حاضر يُعاش، ومستقبل يُبنى عليه.
ونجاحه يعود الى رعاية وزير الثقافة الدكتور أحمد هنو ،واللواء خالد مجاور واللواء خالد اللبان رئيس هيئة قصور الثقافة و القيادات الثقافية، والفنانين، والمبدعين، وأبناء سيناء الكرام الذين فتحوا لنا قلوبهم قبل بيوتهم.
وندعو الله أن يكون هذا الملتقى نواة لملتقيات قادمة، تواصل الاحتفاء بالبادية المصرية، وتُرسيخ مكانتها في وجداننا الوطني
الدكتور مسعود شومان المشرف العام على ملتقى
نلتقي معاً لنحتفي بروح البادية المصرية في أول ملتقى من نوعه يُعنى بفنونها، ويُعيد للتراث البدوي مكانته في المشهد الثقافي الوطني.
لقد وُلد هذا الملتقى من إيمانٍ عميق بأن البادية ليست فقط مكانًا، بل ذاكرة وهوية وروح. فهي التي أبدعت الشعر ، وصاغت الأغاني المحملة بالشجن، ورسمت حكايات الأجداد، وحافظت على قيم الكرم والشهامة والتواصل الإنساني.
فنون البادية المصرية ثرية، نابضة بالحياة، تحمل في طيّاتها جمالًا بسيطًا، وعاطفةً صادقةً، وشعوراً عميقاً بالإنتماء للأرض. ومن هنا، فإن ملتقانا اليوم لا يكتفي بالعرض، بل يسعى للتوثيق، والحوار، والتعليم، ليظل هذا التراث حيًا ومتجددًا في وجدان الأجيال القادمة
الفنان أحمد الشافعي
مسؤول العروض الفنية بملتقى سيناء الأول لفنون البادية
“حين نتحدث عن البادية فإننا لا نصف مكاناً فقط، بل نغوص في أعماق وجدان الشعب المصري، حيث الأصالة والصدق والجمال المنبعث من قلب الطبيعة.
جاء ملتقى سيناء الأول لفنون البادية ليمنحنا الفرصة لنُعيد تقديم هذا التراث الثري في صورة فنية حية، نابضة، تحتفي بالشعر، بالغناء، عروض الفرق الشعبية ، وبكل ما يُعبر عن إنسان البادية وبيئته.
لقد حرصنا، من خلال العروض الفنية، على تقديم صورة صادقة عن الفنون البدوية، دون تجميل مفرط ولا اجتزاء، بل عبر الإحتكاك الحقيقي مع أهل البادية أنفسهم، الذين حملوا إلينا هذا الفن من الصحراء إلى المسرح، بكل شغف وكرامة واعتزاز
إن ما شاهدناه من تجاوب الجمهور، ومن فخر المشاركين، يؤكد أن التراث لا يموت ما دام هناك من يؤمن به ويقدّمه بحب وإخلاص.
كما شهدت الفعاليات ورشة رسم حر، وورشة حكي تفاعلية للأطفال أدارتها دكتورة حنان موسى، وشارك بها دكتور حمد شعيب الباحث في التراث الشعبي، حيث دارت حول التراث السيناوي وخصوصيته الثقافية، كما سردت إيمان جلال من شمال سيناء تجربتها في إطلاق مشروعها الخاص، مستلهما فكرته من مشاركته السابقة في ورش مماثلة، ضمن فعاليات ملتقى “أهل مصر” للمحافظات الحدودية.
وضمن الفعاليات، نفذت الإدارة العامة لثقافة الشباب والعمال برئاسة أحمد يسري، التابعة للإدارة المركزية للدراسات والبحوث، مجموعة من الورش الفنية المتنوعة، من بينها: ورشة ديكوباج نفذتها الفنانة سهام إسماعيل، ورشة أركيت “ألعاب أطفال” للفنان أيمن السعدني، ورشة تصنيع العرائس “الماريونيت” التي قدمها الفنان عمرو حمزة، وشملت نماذج متنوعة من العرائس وملابسها. وورشة الفيانسيه “الرسم على الخزف”، للفنانة د. أميمية رشاد، والتي تناولت زخارف إسلامية، وحروف عربية، وموتيفات من وحي المكان والبيئة السيناوية.
وشهد مسرح قصر ثقافة العريش ليالى فنية، تألقت فيها الفرق في تقديم عروضها الفلكلورية التي جسدت تنوع التراث البدوي في مصر
قدمت فرقة بدو الفيوم التلقائية، مجموعة من الرقصات التي تعبر عن الحياة البدوية في الفيوم، مستخدمة الإيقاعات الشعبية والأزياء التقليدية التي تمثل بيئة وادي الريان وسيوة، تدريب عادل ربيع.
وقدمت فرقة مطروح للفنون الشعبية بقيادة الفنان حسن عامر، عروضا مستوحاة من التاث، إلى جانب استعراضات فنية تعتمد على الحركات الجماعية والإيقاع السريع الذي يعبر عن بهجة المناسبات البدوية في مطروح.
بالإضافة إلى عرض فني لفرقة الطور التلقائية التي جسدت في عروضها التراث السيناوي، من خلال استعراضات تمثل طقوس الزواج، البادية، والرقصات النسائية ذات الطابع الروحاني، في تناغم مميز بين الحركات والأغاني التراثية الأصيلة، واختتمت الفعاليات بتكريم الفرق المشاركة
ونجح ملتقى سيناء الأول لفنون البادية في إلقاء الضوء على التراث البدوي الأصيل، وشكّل منصة للتواصل الثقافي والفني، وفتح آفاقاً جديدة للحفاظ على هوية المجتمع البدوي وتعزيز حضوره على الساحة الثقافية.