مقالات الرأى

مايسة السلكاوى تكتب : (قامات مصرية) – الدكتور أحمد زكى – 2

كيمائى قدير لقب بأبو الكيمياء فهو أول أستاذ مصرى فى الكيمياء ، مؤسس المركز القومى للبحوث وأكاديمية البحث العلمى والجمعية الكيميائية المصرية .
كاتب مرموق قال عنه عباس العقاد ” إننى لا أقرأ للدكتور أحمد زكى شيئا إلا وأتصوره وبيده قلم وبيده الأخرى مسطرة وبرجل ” مشيرا إلى تفكيره العلمى فى الكتابة فهو مؤسس مجلة العربى الكويتية .
ولد أحمد زكى عاكف الذى أشتهر باسم أحمد زكى ، فى محافظة السويس 1894م ، حينما إنتقل والده وأسرتة إلى القاهرة 1900م تلقى تعليمه بمدارسها حتى نال الشهادة الثانوية وكان ترتيبة الثالث عشر على القطر المصرى . ثم تخرج من مدرسة المعلمين العليا 1914م وبعد التخرج عمل بالمدرسة السعيدية ثم رشح للسفر إلى إنجلترا لإستكمال تعليمه لكن لم يتحقق ذلك لرسوبه فى الكشف الطبى .
عاد أحمد زكى للعمل كمدرس ثم ناظر لمدرسة وادى النيل ، إلا أنه استقال خلال ثورة 1919م وقرر استكمال دراسته على نفقته الخاصة للتخصص فى الكيمياء التى لم يكن للمصريين حتى ذلك الوقت رغم نهضتهم العلم بها ، فسافر إلى إنجلترا والتحق بجامعة وتنجهام التى زامله فيها على مصطفى مشرفة ” عالم الذرة ” ثم تركها إلى جامعة ليفربول ، ونجحت مساعية فى أن تلحقة الدولة ببعثتها الرسمية ثم حصل على بكالوريوس العلوم 1923م ثم دكتوراة الفلسفة فى الكيمياء 1924م ، وواصل البحث العلمى فى جامعة مانشستر لمدة عامين ثم حصل على درجة الدكتوراة فى العلوم من جامعة لندن 1928م وهى أرفع الدرجات العلمية التى تمنحها الجامعات فكان ثالث مصرى يحصل عليها بعد د. مصطفى مشرفة ود. عبد العزيز أحمد .
بعد عودته من إنجلترا عين أستاذا مساعدا للكيمياء العضوية فى كلية العلوم بجامعة القاهرة ليكون أول أستاذ مصرى فى الكيمياء ، ثم أنتخب عميدا لكلية العلوم ولكنه نقل من العمادة لأسباب سياسة . وفى 1936م شغل منصب مدير مصلحة الكيمياء ليكون أول مصرى يترأسها بعد ما كان أجنبيا فأعاد تنظيمها ونهض بها واستطاع خلال رئاسته التى استمرت 11 سنة أن تغطى إحتياجات المجتمع المصرى وصناعاته .
أختير د. أحمد زكى مديرا لمؤسسة البحوث العلمية المصرية الجديدة التى سميت باسم ” مجلس فؤاد الأول للبحوث العلمية ” وتعرف الآن باسم ” المركز القومى للبحوث “فقد أسسها 1947م بعد أن قام برحلة إلى الولايات المتحدة الأمريكية تفقد خلالها المراكز والمؤسسات العلمية .
اختار حسين سرى باشا رئيس مجلس الوزراء د. أحمد زكى لتولى منصب وزير الشئون الإجتماعية ، إلا أنه لم يستمر فيها سوى 20 يوما لإستقالة الوزارة يوم 22 يوليو 1952م أى قبل قيام الثورة بيوم ، لكنه خلال تلك الفترة القصيرة أعلن شعار ” تحديد النسل ” الذى أصبح فيما بعد ” إصلاح الأسرة ” ثم عاد مرة أخرى إلى مركز البحوث .
للدكتور أحمد زكى موقفين يدلان على حرصه على كرامة العلم وإحترامه لتاريخه العلمى ، فقد قام أحد رجال ثورة يوليو بزيارة المركز سنة 1953م ، ولكونه لم يعرف طبيعة عمله ، فقد أبدى بحديثه ما يشير إلى إمتهان مكانه المركز، فأسرع د. زكى بتقديم إستقالته ولكن بعد أن قام بالرد من خلال كتاب أطلق عليه ( المجلس الأعلى للبحوث ماضيه ومستقبله ) تحدث فيه عن العلم وكرامة العلماء وعن الأمم المتقدمة والمتخلفة .
أما الموقف الثانى بعد أن عينه الرئيس محمد نجيب 1953م رئيسا لجامعة القاهرة تقديرا له ، ففى أزمة مارس 1954م اقتحم البوليس الجامعة واعتدى على الطلاب فاعترض أحمد زكى على ذلك ، ولكن محمد نجيب قام بزيارة المصابين فى القصر العينى مما اعتبره زكى إعتذارا لكنه استقال من رئاسة الجامعة سبتمبر 1954م .
أما ازمة مارس 1954م فهى أزمة وقعت بين محمد نجيب رئيس الجمهورية فى ذلك الوقت ومجلس قيادة الثورة بقيادة جمال عبد الناصر ، أدت إلى انقسام المجتمع ما بين مؤيد لاستمرار حركة الجيش ( ثورة 23 يوليو) وبين المطالبين بالديمقراطية وعودة الحياة السياسية ، وبدأت الأزمة أول مارس حين قامت حملة إعتقالات شملت 18 شخصا فاشتعلت المظاهرات فى الجامعات الثلاث القاهرة وعين شمس والإسكندرية فتم إغلاق الجامعات لآخر الأسبوع بسبب المظاهرات .
وفى النهاية وبعد أسباب مختلفة منها ، حادث المنشية وقرارات متضاربة صادرة من مجلس قيادة الثورة حول الموقف من الأحزاب والدستور وتشكيل البرلمان وشكل الحكم ، تم إقصاء محمد نجيب عن الرئاسة وتحديد إقامته فى فيلا زينب الوكيل زوجة مصطفى النحاس بالمرج .
بعد استقالته من رئاسة الجامعة ، عرضت دولة الكويت على الدكتور أحمد زكى إصدار مجلة ” العربى ” فصدر عددها الأول فى ديسمبر 1958م واستمر فى رئاستها 17 عاما حتى وفاته 1975م .
على الرغم من الأعباء العلمية الهائلة ، لم ينقطع د. زكى عن مواصلة الكتابه فى كبرى الصحف والمجلات فتم اختياره لرئاسة تحرير مجلة المصور فحقق طفرة فى سياستها وأبوابها وكتابها وطباعتها وإخراجها حتى ظهرت بالقطع المعروف حتى الآن وجعلها تصدر 12 عددا بدلا من 10 أعداد .
أسهم د. زكى فى بناء النهضة العلمية ففى 1929م أسهم فى تأسيس المجمع المصرى للثقافة العلمية ، وفى 1938م أنشأ الجمعية الكيمائية المصرية ومقرها بشارع رمسيس وتولى رئاستها 25 سنة ، كما اشترك سنة 1944م مع عشرة من خيرة علماء مصر من بينهم د. على مصطفى مشرفة فى تأسيس الأكاديمية المصرية للعلوم وتولى رئاستها . إلى جانب هذا النشاط الهائل ، له العديد من المؤلفات العلمية وترجمات للكتب العالمية ، فكان كيمائى عظيم وأديب كبير مزج بين العلم والأدب ومن أبرز تراجمه رواية غادة الكاميليا و جان دارك لبرنارد شو ، وكان عضوا بمجامع اللغة العربية بالقاهرة ودمشق وبغداد وعضوا فى المجلس الأعلى لدار الكتب المصرية .

زر الذهاب إلى الأعلى
Chat Icon