عبد المعطي أحمد يكتب: طلعت حرب بين التاجر والبطل
فى علم الأرقام, يوم ميلاده يمنحه شخصية متكاملة تجعله عاطفيا ومفكرا فى آن واحد, ويمنحه أيضا موهبة فى تحليل كل شخص وكل صغيرة وكبيرة, وهو ما يميزه ببصيرة غريبة.
هو رائد الاقتصاد المصرى محمد طلعت حرب المولود فى 25يناير 1867, وهو مؤسس بنك مصر وشركاته.
برجه هو القوس, وهو مايجعله فارسا جريئا محبا للمعرفة.
و”القنطور” هو رمز برج القوس, وهو كائن خرافى وصف فى الأساطير بأن نصفه الأعلى إنسان ونصفه الآخر فرس, ويوجد رسم ل”القنطور” على سقف معبد “دندرة” فى قنا, ماسكا قوسه, وموجها سهامه نحو أهدافه العالية فى السماء.
وهذا “القنطور” هو الشخص القوس الذى يحكمه شقان : الأول يدعوه إلى المثاليات الإنسانية, والآخر يدفعه إلى الوصول بقوة السهم وسرعة القوس لأهدافه المادية.!
إن جزء المثاليات الإنسانية والعاطفة هى التى صنعت طلعت حرب العاشق لوطنه مصر, وهذه العاطفة هى التى دفعته لوضع إسم مصر على أكثر من عشرين شركة أقامها من أرباح بنك مصر, منها شركة مصر للغزل والنسيج, واستوديو مصر,ومصر للطيران الخ..وهى التى جعلته يحلم برخاء مصر.
أما الجزء الآخر من شخصيته, فهو الجزء المادى والواقعى, وذلك مايدفعه لإعمال العقل من أجل تحقيق أحلامه ومثالياته, وهذا الحس المادى هو الذى جعله يعرف مبكرا أن الاستقلال الاقتصادى هو أساس الاستقلال السياسى, حيث كان يؤمن بأن المطالبة بالاستقلال يجب أن أن تكون مدعومة بقدرة حقيقية على الاستقلال, وليس بالمظاهرات والشعارات.
ومن أقواله:”ماذا يكون حالنا ولا”كبريتة” يمكننا صنعها لنوقد بها نارنا, ولا “إبرة” لنخيط بها ملبسنا, ولا “فابريكا” ننسج بها غزلنا, ولامركب أو سفينة نستحضر بها مايلزمنا من البلاد الأجنبية, كل ذلك علينا عمله تمهيدا لاستقلالنا”.
ولأن المعرفة هى الهدف الأسمى لدى مولود”القوس”, فإن طلعت حرب يؤمن بأن التقدم لايتم إلا إذا ازدهرت الثقافة واستنارت العقول بالأفكار الجديدة والثقافة الرفيعة.
وبمنتهى الجرأة وبروح مبادرة غريبة, أسس شركة مصر للتمثيل والسينما فى 125, ثم استوديو مصر فى 1935 بغرض انتاج أفلام مصرية, ومن أقواله:”إننا نعمل بقوة اعتقادية وهى أن السينما صرح عصرى للتعليم لاغنى لمصرعن استخدامه فى إرشاد سواد الناس”.
إنه مولود القوس, ورامى السهم المستقل والمؤمن بأن استقلالية المجتمع لاتتحقق إلا بالعمل والمعرفة بعيدا عن المظاهرات والثورات.إنها طريقته فى الحرب.!
لم يكن طلعت حرب رجل أعمال بالمعنى المتعارف عليه, الفرق أن هدف رجل الأعمال هو المادة, وبعض من رجال الأعمال قد يضحى بالمثاليات من أجل المادة, ومنهم من يضحى حتى بالوطن, لكن الزعيم طلعت حرب كان يبحث عن المادة من أجل تحرير الوطن, والفرق شاسع بين التاجر والبطل.
الصحفي والشاعر الغنائي المبدع صلاح أبو سالم يعد واحدا من كبار شعراء الأغنية في مصر والعالم العربي، ورغم ذلك فالمعلومات المتاحة عنه شحيحة ونادرة، والأسوأ من ندرتها أن معظم هذه المعلومات ليست صحيحة، حيث تنتشر عنه الكثير من المعلومات المغلوطة أو الناقصة على الألسنة وفي الصفحات والمواقع الإلكترونية، فلو توجهنا بالسؤال لعدد من محبي الطرب والأغاني عمَّن هو مؤلف أغنية “على حسب وداد قلبي يا بوي” التي غناها العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ ولحنها الموسيقار بليغ حمدي لأجاب الكثيرون على الفور بأن مؤلفها هو الشاعر عبد الرحمن الأبنودي، وهذا بالطبع من الأخطاء الشائعة والتي لا نعرف ما هو مصدرها.
والحقيقة أن مؤلف هذه الأغنية هو الصحفي والشاعر الغنائي صلاح أبو سالم الذي رحل عن الدنيا وهو في عز الشباب، والجدير بالذكر أن أغنية “على حسب وداد قلبي يا بوي” كانت مكتوبة في البداية لتغنيها المطربة إلهام بديع، ولكن عبد الحليم حافظ طلب أن يقوم هو بغنائها بعدما سمع لحنها من الموسيقار بليغ حمدى, مما دفع المطربة إلهام بديع لمحاولة الانتحار حسبما قيل وانتشر في ذلك الوقت.
وصلاح أبو سالم يعد من أوائل الشعراء الذين قاموا بدمج الفلكلور بكلمات عاطفية, ونجح في ذلك, ويعد رائدا لهذا النوع من الغناء، ورغم أن معظم أغنياته مشهورة وقام بتلحينها كبار الملحنين وقام بغنائها كبار المطربين، إلا أنه هو نفسه – وللأسف الشديد – لم يحظ بالشهرة التي نالتها الأغاني التي كتبها، فمن منا لم يسمع بأغنية “على حسب وداد قلبي يا بوي” التي قام بغنائها عبد الحليم حافظ؟، أو أغنيات فيلم “السيرك” التى قام بغنائها محمد رشدى؟، أو “دوبني دوب يا هوى” التى غنتها فايزة أحمد؟ وليس هذا فقط بل غنى له أيضا كل من : محرم فؤاد, وهدى سلطان, وعادل مأمون, وكارم محمود, ومحمد قنديل, وشريفة فاضل, وليلى جمال, وعبد اللطيف التلبانى, وفايدة كامل, ومحمد العزبى, ومها صبرى، وقام بتلحين أغانيه عبد العظيم محمد, وسيد إسماعيل, وفاروق سلامة, وحلمي بكر, وأحمد صدقي وغيرهم.
وصلاح أبو سالم, ولد في يوم 30 أكتوبر سنة 1932 بمركز منوف بمحافظة المنوفية، وتخرج في كلية الآداب قسم الإجتماع من جامعة فؤاد الأول، وبعد تخرجه عمل بوزارة الزراعة، ثم تركها وعمل صحفيا بجريدة الجمهورية التي كان يرسل لها أعماله الإبداعية، واعتمدته الإذاعة مؤلفا للأغاني في سنة 1963، وأصبح عضوا بجمعية المؤلفين والملحنين وفي اتحاد الكتاب العرب، وفي خلال 4 أو 5 سنوات فقط صدر له ما يقرب من 120 أغنية في الإذاعة المصرية وفي شركات الصوتيات المختلفة، وكانت وفاته في يوم 3 يناير سنة 1971 عن عمر يزيد على 38 سنة بشهرين.