مقالات الرأى

أنس الوجود رضوان تكتب: “المنتج الثقافي وحده لا يكفي: الإعلام والتسويق شركاء النجاح”

0:00

رغم ما تحمله الفعاليات الثقافية لوزارة الثقافة في المحافظات من ثراء وتنوع، إلا أن كثيراً منها يمر دون أن يشعر به أحد خارج دائرته المحلية،و تُقام معارض فنية، أمسيات شعرية، عروض مسرحية، وملتقيات فكرية، لكن تغيب عنها التغطية الإعلامية والتسويق الإحترافي، فيبقى أثرها محدوداً لا يرقى إلى مستوى ما تقدمه من محتوى.
الواقع أن الجودة وحدها لا تكفي. قد يكون النشاط متميزاً، والمشاركون موهوبين، لكن دون خطة إعلامية واضحة، وبدون أدوات تسويق فعالة، يبقى الحدث أسير مكانه وزمانه، الإعلام هو الوسيلة التي تُخرِج الحدث من حدود قاعة العرض إلى الفضاء الإعلامى، والتسويق هو ما يجعل الناس يتطلعون لحضوره، أو حتى يتحدثون عنه بعد انتهائه.
غالباً ما تتركز التغطية الإعلامية في العواصم والمراكز الكبرى، بينما تُهمل المحافظات التي تزخر بالمواهب والطاقات ،الفعاليات هناك لا ينقصها الإبداع، بل ينقصها الظهور ولذلك على وزارة الثقافة ، أن تتبنى رؤية إستراتيجية في الإعلام والتسويق، تتضمن:
الشراكة مع وسائل الإعلام المحلية والوطنية
الاستثمار في وسائل التواصل الاجتماعي
توثيق الفعاليات ونشرها
التعاون مع مؤثري المحتوى الثقافي
خلق قصص إنسانية مرتبطة بالمشاركين والنشاط نفسه
كما أن إشراك المجتمع المحلي في الدعاية المبكرة، وتسهيل وصول الجمهور، يعززان من حضور الفعالية وتأثيرها ومن المهم أيضاً أن تكون هناك هوية بصرية وشعار ورسالة واضحة لكل حدث
ومن دون إعلام وتسويق ذكي، تبقى كثير من الجهود حبيسة جدرانها، لا ترى النور ولا تصنع التغيير
وليس المقصود بالتغطية مجرد خبر ينشر في صحيفة أو صفحة فيسبوك. بل المطلوب برامج مخصصة عبر الشاشات والمنصات، تسلط الضوء على النشاط الثقافي وتروّج له بشكل مستمر، تعرض خلفياته، تحاور القائمين عليه، وتقدم للجمهور قصصاً إنسانية تُشعرهم أن الثقافة جزء من حياتهم اليومية، لا مجرد فعالية عابرة
الإعلام الثقافي يجب أن يكون جزءاً من الخطة، لا خطوة لاحقة. هو صوت الثقافة، وهو من يصنع لها جمهوراً حقيقياً ويمنحها الاستمرارية.
وعلى الوزير الدكتور احمد هنو أن يلعب دوراً استباقياً في هذا الملف، لا يكتفي بدعم الفعاليات من بعيد، بل يسعى فعلياً إلى جذب الصحفيين والإعلاميين إلى قلب المشهد الثقافي، عبر الدعوة المباشرة، وخلق فرص تغطية حقيقية، وتمكينهم من الوصول إلى الفعاليات في المحافظات بسهولة
فالثقافة لا تعيش في الظل، بل تحتاج من يقودها إلى الضوء والإعلام هو هذا الضوء، إذا تم استثماره بالشكل الصحيح.
وفي هذا السياق، تمثّل القناة الثقافية المصرية نافذة مهمة للتعاون بين الإعلام والعمل الثقافي، فهي منصة قادرة على عرض الفعاليات في المحافظات، وتسليط الضوء على المواهب والأنشطة التي لا تحظى بالتغطية الكافية. وقد عبر الكاتب والإعلامي أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام أكثر من مرة عن دعمه لهذا التوجه، مؤكداً أهمية وجود إعلام ثقافي جاد ومؤثر يربط الجمهور بالثقافة الوطنية ويعكس تنوعها في كل ربوع البلاد.
إن تعزيز هذه الشراكة بين الثقافة والإعلام لا يخدم فقط الفعالية أو نشاط قطاعات وزارة الثقافة ، بل يسهم في بناء وعي عام أكثر توازناً وفي صناعة جمهور واعي بأهمية الثقافة ومكافحة التطرف وتعزيز التسامح والتفاهم بين الأفراد. من خلال تعزيز القيم الإنسانية المشتركة، مثل الاحترام والعدالة والمساواة، وتعزيز التسامح والتفاهم بين مختلف الثقافات والأديان .. وللحديث بقية .

زر الذهاب إلى الأعلى