راندا الهادي تكتب: العُقدة

كتبت في مرة سابقة عن مشكلتنا مع عقدة الخواجة وأنها عقدة وهمية سيطرت علينا ومازلنا نتوارثها جيلًا بعد جيل ، وتحت عنوان ( عقدة الخواجة) حاولت إيجاد تبريرات لتلك العقدة ، مثل الانخفاض الملحوظ في جودة المعروض من المنتج المحلي ، أوالثقة الغير مبررة في أي منتج عابر للحدود حتى لو اثبتت التجربة عدم كفاءته ، أو لعله حب التباهي و( الفشخرة)بين الناس – الذي يعد إدمانًا لدى البعض- ، أضف إلى ذلك مدى مساهمة تراجع اهتمامنا بمعايير الجودة في المنتجات الوطنية تحت وطأة ارتفاع تكلفة الإنتاج أو قلة الإقبال والركود ، ليأتي التوحش الصيني كقوة اقتصادية تعتمد على الإنتاج الكبير وإغراق الأسواق بجودة مرضية وأسعار منافسة لتطرحنا أرضًا .
وفي ظل اتفاقية التجارة العالمية و صعوبة فرض أي أنظمة حمائية على السوق لديك ، أوالتحكم في حركة الصادرات والواردات لضبط عجلة الاقتصاد الوطني ، أصبحت العقدة عصية على الحل .
وليس ببعيدٍ عن سيل القرارات الترامبية الذي لا يتوقف وما سببه من شروخ… لا بل أخاديد في جدار الاقتصاد العالمي ، أصيبت عقدة الخواجة في مقتل ، واكتشف المواطن الأمريكي قبل أي أحدٍ آخر أكذوبة الماركات وعالمها الوهمي وما تنطوي عليه من خداع .
انكشف المستور عندما قررت الولايات المتحدة الأمريكية ضرب التنين الصيني في مقتل وفرضت على منتجاته رسومًا جمركية تجاوزت ال ١٠٠٪ ، واعتقدت أن بكين ستهرع فور الرسوم تمسح العتبات وتطرق الأبواب لتنال الرضا السامي الأميركي ، فإذا الصين تنفث نيرانها في وجه واشنطن وتفرض رسومًا مماثلة ، بل وتفضح أكذوبة الماركات الأمريكية للعالم أجمع .
واشتعل السوشيال ميديا بفيديوهات قصيرة لتجار صينيين يشرحون التكلفة الحقيقية للماركات الأمريكية التي يتم تصنيعها بأيدٍ صينية ، والتي لا تتجاوز تكلفتها عدة دولارات ، في حين تباع للمواطن الأمريكي وغيره على مستوى العالم بآلاف مؤلفة ، بل ويدعو رجال الأعمال الصينيين من يريد هذه المنتجات بالتواصل معهم مع ضمان باقة من التسهيلات للحصول على المنتج ذي الماركة العالمية .
مما لا شك فيه أن أكثر الشعوب التي صُدمت بهذه الحقيقة الشعب الأمريكي نفسه ، الذي وقع في فخ الماركات وقيمتها المزيفة ، لكن هذا لا يهمنا ، ما يهم حقًا وما دفعني لأكتب هذا المقال هو أنت ! المواطن المصري الذي مازالت عيناه تبرق عند رؤية حذاء من ماركة كذا أو قميص من بيت أزياء كذا ، أعتقد حان وقت التعافي من هذه العقدة وترك الخواجة يلطم خديه ندمًا ، والتركيز على منتجاتك المميزة وليست الرديئة ، لتشجيعها وبالتالي بث الروح في صناعاتنا المحلية وسوقنا المتخم ، وكما نقول : ماله المحلي قصّر معاك في حاجة !!!