مقالات الرأى

عبد المعطى أحمد يكتب: حكمة الأعياد

0:00

لم يشرع الله شيئا إلا وله حكمة, يعرفها العالمون, ويدركها المبصرون, وأبرز منافع الأعياد تطهير القلوب وإصلاحها, وتقوية رواطب الأخوة بين المسلمين, والدعوة إلى التراحم والتعاطف, وانتفاء الحقد والحسد, والغش والبغضاء من القلوب, ليكون المجتمع المسلم متعاونا قويا, فاجتماع المسلمين فى العيد, يجعلهم يقبلون على بعضهم, يبادر كل مسلم أخاه بالسلام, ويتزاورون ويطعمون, ويعطف الأرحام والجيران بعضهم على بعض, فتصفوا القلوب, وتستقيم الأخلاق, ويتم التسامح والعفو عن الزلات, وهذه المعانى العظيمة من مقاصد الإسلام السامية, فما أسعد الحياة بسلامة الصدور, وما أشقاها بالحسد والعداوة للمسلم, والغل, والخبث, والغش, والمكر, فعن النعمان بن بشير رضى الله عنهما قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” مثل المسلمين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد, إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”, وعن أبى الدرداء رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال:”مامن شىء أثقل فى ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن, وإن الله يبغض الفاحش البذىء”, وقال: ألا أخبركم بأهل الجنة؟! رجل رحيم بذوى القربى والمساكين, وفقير ذو عيال متعفف, ورجل مخموم القلب أى لاغل فيه ولاحسد.
زكاة الفطرمن الزكوات التى فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل مسلم صغير أو كبير, ذكر أو أنثى, وهى زكاة بدنية تتعلق بالأشخاص لابما يملكون من مال, وقد جاءت السنة النبوية ببيان الحكمة من إخراجها, ووقت أدائها من حديث ابن عباس قال:” فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث, وطعمة للمساكين, من أداها قبل الصلاة فهى زكاة مقبولة, ومن أداها بعد الصلاة فهى صدقة من الصدقات”, وبينت السنة الغاية من إخراجها للمحتاجين كما جاء فى حديث ابن عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” أغنوهم عن المسألة- وفى رواية الطواف – فى مثل هذا اليوم”, وهى قربة من القرب, لقوله تعالى:”قد أفلح من تزكى وذكر أسم ربه فصلى” ,”سورة الأعلى”, قيل: المقصود بها صلاة عيد الفطر بعد إخراج الزكاة, لأن فيها فائدتين: فائدة تعود على المزكى, وفائدة تعود على من يأخذون الزكاة, أما الأولى فهى تطهير الصائم مما عساه يكون قد وقع فيه, مما يتنافى مع حكمة الصيام وأدبه, وجبر لما قد يحدث من نقص أو تكفير له إلى جانب المكفرات الأخرى من الاستغفار والذكر وغيره, وأما الفائدة الثانية, فهى للمحتاجين إلى المعونة وبخاصة فى يوم العيد, كى يشعروا بالفرحة والسرور, كما يفرح غيرهم من الناس, ويستفيدوا بها فى الإعداد للعيد من طعام أو لباس, ولذلك كان الوقت المتخير لإخراجها صبيحة يوم العيد وقبل الاجتماع للصلاة, لايحتاج الفقراء للتطوف على أبواب الأغنياء ليعطوهم, وهذا من باب التخفيف على البائسين, فالتراحم بين الناس يعنى نشر الرحمة بينهم, والتعاطف والتعاون والتكافل, وبذل الخير والمعروف والإحسان, لمن هوفى حاجة إليه.
حين نتوقف أمام أغنيتين مر عليهما عقود زمنية, ورغم ذلك حينما نستمع إلى أى منهما, نستشعر أن صياغة كلماتهما وتلحين هذه الكلمات بما يقوم عليه من توزيع موسيقى رائق, وكأنه صناعة اليوم أو الأمس على أقصى تقدير. الأغنيتان اللتان أقصدهما هما “ليلة العيد انستينا” التى تشدو بها أم كلثوم, وكأنها تدعو المصريين جميعا ليرددوها معها, هذه الأغنية ألف كلماتها الشاعر الكبير أحمد رامى منذ أكثر من ثمانين عاما من الزمان, ورغم ذلك فإن المصريين لايستشعرون بهجة العيد, إلا وهم يتمتعون فى أعماقهم باللحن الجميل مع أم كلثوم, أما الأغنية الثانية فهى أغنية “العيد فرحة 00جانا العيد”, وهى من تأليف عبد الوهاب محمد وغناء صفاء أبو السعود, ومنذ أن أذاعها التليفزيون المصرى عام 1982 وهى تمثل حالة من السعادة والتفاؤل لدى المصريين, ولكنى هنا أتذكر واقعة طريفة, فبعد أن تزوجت صفاء من رجل الأعمال السعودى الشهير صالح كامل سئل ما إذا كان سيسمح لها باستمرار عملها فى الفن ,فصمت رحمه الله وقال :لقد اتفقت مع صفاء على عدم التدخل فى حياتها الخاصة , وإذا فرض واعتزلت الفن فلا يقرب هذا الاعتزال من أغنية” العيد فرحة “, لأن الشيخ صالح نفسه كان يحب الاستماع إلى صفاء وهى تغنيها, وبالفعل استمر الحال على هذا النحو حتى رحل الشيخ صالح رحمه الله.
تظل موائد الرحمن الرمضانية ظاهرة مصرية خالصة, تعبر عن التراحم, والتكافل, والكرم, وقد أصبحت من أشهر الطقوس الرمضانية الرائعة فى شوارع القاهرة ومدنها, وقد بدأت هذه الموائد فى عصر أحمد بن طولون, حينما قام بإعداد وليمة رمضانية كبرى, لإطعام الفقراء إلى جوار إعداد ولائم متعددة للتجار والأعيان, لتبدأ هذه الظاهرة فى الانتشار بعد ذلك, وتصبح ظاهرة مصرية خالصة, ثم انتقلت بعد ذلك إلى العديد من الدول العربية والإسلامية.
عن أبى هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه, تفتح فيه أبواب السماء, وتغلق فيه مردة الشياطين, لله فيه ليلة خير من ألف شهر, من حرم خيرها فقد حرم.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم:”من صام رمضان ثم تبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر ” رواه مسلم.
قال رسول الله عليه وآله وصحبه وسلم:” صوموا لرؤيته, وأفطروا لرؤيته, فإن غبى(أى خفى) عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين”رواه البخارى.

زر الذهاب إلى الأعلى