مقالات الرأى

صفوت عباس يكتب : ( كون يمرق .. إنسانيه تتقهقر !)

0:00

لايجتاح احد وقتا طويلا ليدرك كم وكيف التغيرات التي تحدث للكون فكميه الاحداث التي يصنعها البشر او تتم بواسطه او في الآله تتلاحق بقدر ان رصدها اصبح ضربا من المستحيل خصوصا لمن عاش سنوات كانت الدنيا تسير فيها ببطء والاحداث رتيبه وتطور العلوم والالات _ان كان موجود _ فانه غير محسوس بشكل كبير مثل الان.

قبل عام ٢٠٠٠ م كان ممكن ان يحدث حدثا كبير سياسيا او اقتصاديا كل عده سنوات وكان خبر حدوثه يمكن ان يصل بعد ساعات طويله غير الان الذي لاينقطع فيه البث المباشر من محترفين او هواه يغطون سطح الكوكب.

بعد ٢٠١١ وفي منطقتنا حدثت احداث متواليه ومتلاحقه ومنتشره عبر اغلب بلدان العرب اسفرت عن تغيير جذري لشكل المنطقه وأشكال الدول بين قائمه او ساقطه او مؤهله للسقوط.

.. بنهايه ٢٠١٩ اجتاحت كورونا العالم باتجاهاته ولم تستثن دوله من اثارها التي خنقت الجميع وجعلت كل الناس يتارجحون بين الياس والياس وقليل من الرجاء وخنقت الكون اقتصاديا فاغلقت مصانع وتوقفت اعمال وشاهد بوارها ان النفط اكثر السلع تداولا وتاثيرا اصبح بقيمه سعريه (سالب)، توقفت الحياه الا قليلا فنفخ الله فيها الروح وعادت الدنيا وتحول الناس من حاله انكسار الخائف من الهلاك الي عهدعم القديم مصداقا لقوله تعالي ” فَإِذَا رَكِبُواْ فِي ٱلۡفُلۡكِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّىٰهُمۡ إِلَى ٱلۡبَرِّ إِذَا هُمۡ يُشۡرِكُونَ” وعاد النفط غاليا ودارت عجله العمل وان بقيت اثار قويه وعادت الصراعات . وشاهد الجائحه سرعه الحدث وسرعه النسيان.

.. في العام ٢٠٢١ اجتاحت روسيا اوكرانيا لتقف في وجه نصف الكره الغربي يتقاتلان في حرب بلا مبرر متطقي وعلي اثرها يكتوي العالم بقصور في الغذاء والطاقه.

.. التكنولوجيا اصبحت تنطلق بسرعه رهيبه اوجدت تقادم تكنولوجي متسارع وان اتاحت للناس رفاهيه السرعه والإنجاز و الوفره فانها اضافت علي كاهلهم عبء نفقات التطور وعبء التخلص من القديم.

……في مقابل السرعه التي تسير بها احداث العالم وعلومه وصراعاته تقع (انسانيتنا) علي المحك لانها وان كانت تسير فان سيرها تقهقر الي الخلف وهذا مايحسه بألم وشده الذين عاشوا مثلا قبل اربعين او خمسين عام حيث تبدلت كليا مجموعه القيم والاخلاقيات التي كانت تضبط علاقه الفرد بمحيطه من الاسره الصغيره للجوار القريب للمجتمع الكبير والتي كانت في الغالب ضمانا كبيرا لعلاقه حريريه ممتعه بين الفرد ومحيطه ايا كان تشمل الاحترام والتقدير والود والدعم والمسانده.

لقد كان الفرد يتوكأ علي اسرته وتتوكأ عليه ويحتمي بجيرانه ويدافع عنهم وتحس في كلماته ونظراته ودا متدفقا منه واليه، وكان الصديق، امتداد للروح والعقل وسندا للجسد .. إلا أن الان اصبح الفرد متمحورا حول ذاته متسلحا بنفعيته وانانيته متجردا من مثاليات وقيم ضبط العلاقه إلى آليات جلب المنفعه بأي شكل وبلا حياء حيث _إذا _لا اعتبار لمن يحيط به فممن يستحي.

انحسرت معاني الانسانيه الشامله الي شخصيه ضيقه متذائبه متنمره محتكره مستغله سارقه ومن بقي بانسانيته انزوي متحسرا الي جانب بعيد حتي لا تلتهمه اله انسان بلا انسانيه

الكون يصحح نفسه بنفسه ولايضيره من يسقط من سكانه ازاء الفقر او الحرب او السرعه لانه يمتلك منهم الكثير، اما الانسان بحيزه الضيق لايحتمل إسقاطه انسانيته فيسقط معها.

زر الذهاب إلى الأعلى