د. سوزان القليني تكتب: تطوير الدراسات الإعلامية في الجامعات العربية: خارطة طريق لجيل رقمي جديد

في عالم يتغير كل يوم بفعل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، أصبح الإعلام ليس مجرد مهنة، بل صناعة متطورة تحتاج إلى مهارات جديدة وأدوات حديثة. ولأن الجامعات هي منبع صناعة العقول، فإن تطوير الدراسات الإعلامية فيها لم يعد رفاهية، بل ضرورة ملحة لبناء جيل من الإعلاميين قادر على المنافسة في هذا العصر الرقمي.
الجامعات العربية… والفجوة بين النظرية والتطبيق
رغم أن العديد من كليات الإعلام في الوطن العربي قطعت شوطًا لا بأس به، فإنها لا تزال تعاني من فجوة واضحة بين الجانب النظري والتطبيقي. المحاضرات تظل حبيسة القاعات، والتدريب العملي لا يرقى إلى المستوى المطلوب لمواكبة سوق العمل، الذي بات يطلب صحفيين رقميين، ومخرجين قادرين على استخدام تقنيات الواقع الافتراضي، ومحللين يجيدون التعامل مع الذكاء الاصطناعي.
نموذج جديد للدراسات الإعلامية… حان الوقت!
ما نحتاجه اليوم هو خارطة طريق حقيقية لتطوير تعليم الإعلام في جامعاتنا، تقوم على ثلاث ركائز أساسية:
1. تحديث المناهج بحيث تشمل موضوعات الإعلام الرقمي، وصحافة البيانات، وكيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى.
2. التدريب العملي المكثف من خلال مشاريع حقيقية، وزيارات ميدانية للمؤسسات الإعلامية، وإنشاء استوديوهات داخل الكليات تحاكي بيئة العمل الصحفي والإذاعي والتلفزيوني.
3. الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة مثل منصات التعلم الإلكتروني، ومحاكاة غرف الأخبار، ومعامل الواقع الافتراضي، لتحويل الطالب من متلقٍ إلى صانع محتوى محترف.
الشراكات الذكية… كلمة السر!
لن يتحقق هذا التطوير بدون شراكات حقيقية بين الجامعات والمؤسسات الإعلامية. نحتاج إلى أن يخرج الطلاب من القاعة إلى غرفة الأخبار، ومن الكتب إلى الميدان، حيث يلمسون الواقع ويواكبون التغيرات المتسارعة في هذه المهنة.
الإعلام والذكاء الاصطناعي… المستقبل بدأ الآن!
الذكاء الاصطناعي أصبح جزءًا من غرفة الأخبار، من كتابة العناوين، وتحليل البيانات، وحتى تقديم النشرات الإخبارية من خلال مذيعين افتراضيين. كيف نعد طلابنا لهذا المشهد؟ بالدمج بين المعرفة النظرية والتطبيق العملي، وتعليمهم الأدوات الرقمية الحديثة التي يستخدمها الإعلاميون في كبريات المؤسسات العالمية.
رسالة للأكاديميين وصناع القرار
تطوير الدراسات الإعلامية هو استثمار حقيقي في مستقبل الإعلام العربي. هو خطوة نحو إعداد جيل من الصحفيين والمبدعين الذين يستطيعون نقل صورة الوطن العربي إلى العالم بلغة عصرية وأدوات متطورة. ولأن الإعلام هو مرآة المجتمع، فإن تطويره يبدأ من مقاعد الدراسة.