مقالات الرأى

راندا الهادي تكتب: منتهي الصلاحية منتهي الصلاحية …

0:00

ماذا تعني كلمة صلاحية ؟ في اللغة تعني حسن الاستعداد للشيء ، وفي عالم الماديات والتسوق تشير إلى أن هذا الشيء مازال صالحا للاستخدام الآدمي ، وبالطبع جميعنا يعلم أنه عندما يقترب أي منتج من انتهاء مدة صلاحيته يهبط سعره ، وتتخوفه الأيدي ويتم تجنبه لأنه كما يقول متخصصو التغذية : تتأثر قيمته الغذائية بالسلب أو قد يمسي خطرا على صحة الإنسان .

لكن المحير بالأمر ما أعلنته مراكز بحوث غربية ومنظمات مدنية – معنية بالتغذية وقضاياها – من أن تاريخ الصلاحية ما هو إلا أكذوبة ، و الحقيقة أن هذه التواريخ التي تدفعك لرمي طعامك في سلة المهملات دون أن يكون قد فسد فعلا، ماهي إلا تواريخ وهمية يحددها المنتجون لأفضل فترة يجب استهلاك المنتج بها – من وجهة نظرهم – وليس للفترة التي يكون فيها المنتج صالحا وليس فاسدا ، وهذا مع استثناء طعام الأطفال وبعض العقاقير الطبيعية .

وفي تجربة قامت بها مُقدِّمة برنامج “CBC Marketplace” – أحد البرامج التلفزيونية الأمريكية _ لكشف حقائق هذه التواريخ ، استعانت بأخصائي في علم الأحياء الدقيقة،وأحضرت بعض المقرمشات التي انتهت صلاحيتها -كما هو مطبوع- منذ سنة. وما إن فحصها الأخصائي حتى أكَّد أنها صالحة للأكل والاستهلاك، غير أن طعمها تغير وجودتها اختلفت، ولكنها آمنة تماما. وهذا تماما ما أكَّده دكتور أوز (Dr. Oz) في برنامجه الأشهر عالميا في مجال التغذية ، عبر استعراض العديد من المنتجات المنتهية الصلاحية ولكنها قابلة للأكل دون ضرر حتى بعد سنوات من انتهائها .

والمفاجأة – التي قد لا يعلمها كثيرون – أن إدارات الغذاء والدواء لا تطلب أي تواريخ سلامة أو أمان على أي منتج غذائي باستثناء حليب الأطفال وهنا تُضيف (بريندا واتسون) المديرة التنفيذية للشراكة الكندية للتثقيف في مجال سلامة الأغذية الاستهلاكية: “أن هذه التواريخ هي مُجرد وعود من الشركات المُصنِّعة للمستهلك؛ تُفيد بأن جودة التغليف والتعبئة والمنتج داخلها ستكون في أعلى مستوياتها ضمن الفترة الممتدة بين تاريخ الإنتاج وتاريخ الانتهاء ونركز على كلمة في أعلى مستوياتها وليست صالحة فقط “.

لماذا نتحدث إذن ونثير هذه القضية الآن ، لأنه وفقا لمنظمة الأغذية العالمية هناك هدر هائل في الغذاء بسبب مصطلح ( تاريخ الصلاحية ) سواء كان الهدر من تاجر التجزئة الذي يلقي كميات هائلة من منتجات انتهت صلاحيتها على الأرفف ، أو من المستهلك النهائي خوفا على صحته وصحة أبنائه ، في حين أنه لو تمت مراجعة صلاحية هذه الأغذية من قبل مختصين والتبرع بما يصلح منها للدول الفقيرة لأنقذنا العالم من خطر المجاعات سنويا .

إذن هل هذا المقال دعوة لتجاهل آلية الصلاحية وعدم الالتزام بها ، بالطبع الإجابة هي النفي ولكن المطلوب هنا منك سيدي أن تتأكد قبل إلقاء المنتج في سلة الزبالة أن رائحته وطعمه وشكله لم يتغير، إذ أن حفظه في الثلاجة بشكل سليم يطيل فترة صلاحيته ، وبذلك تسهم ولو بشكل بسيط وإن كان في حقيقته كبير ومؤثر في انقاذ العالم من خطر أزمات تودي بحياة الملايين في كل دقيقة .

ومما لا شك فيه أن شراء ما احتاجه فقط دون السير الأعمى وراء آليات العروض ، من الأسلحة المؤثرة للقضاء على هدر الطعام واستغلال المنتجين لميولك الشرائية ، لكن أود التنوية مرة ثانية هنا أن هذه الاستثناءات لا تسري على أغذية الأطفال وبعض المنتجات الطبيعية .

لذا عند ذهابك للسوبر ماركت في المرة القادمة ، لا تخف من منتج اقتربت مدة صلاحيه على الانتهاء ما دامت سماته الرئيسية لم تتغير – من لون وطعم ورائحة – ، وتأكد أن حفظه وفقا للتعليمات المدونة عليه يزيد من مدة صلاحيته للاستخدام البشري ، وانتبه وكن ذكيا في إدارة منزلك وتلبية احتياجاته ، خاصة وأن العالم أجمع يعيش حاليا أزمة في توفير الحبوب بسبب الحرب الروسية الأوكرانية .

وكما كان يقول أجدادنا القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود ، أو كما قال أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب ” أخشوشنوا فإن النعم لا تدوم ” كتب الله لنا أيامًا أكثر بياضا من اللبن الحليب .

زر الذهاب إلى الأعلى